أَبْوَابُ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ وَيُبَاحُ فِيهَا بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ
٨٢٢ - (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ وَهُوَ إلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} البقرة: ٢٣٨ . فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ فِيهِ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ)
ــ
نيل الأوطار
أَبْوَابُ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ وَيُبَاحُ فِيهَا بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ
الْحَدِيثُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَعَنْ عَمَّارٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَسَيَأْتِيَانِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا عَالَمًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا وَهُوَ لَا يُرِيدُ إصْلَاحَ صَلَاتِهِ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي كَلَامِ السَّاهِي وَالْجَاهِلِ. وَقَدْ حَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ سَوَّوْا بَيْنَ كَلَامِ النَّاسِي وَالْعَامِدِ وَالْجَاهِلِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ حَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُمَا وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ قَتَادَةَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ
وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَبَيْنَ كَلَامِ الْعَامِدِ وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمِنْ التَّابِعِينَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَحَكَاهُ الْحَازِمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَحَكَاهُ الْحَازِمِيُّ عَنْ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَعَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الشَّامِ وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْجُمْهُورِ اسْتَدَلَّ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَسَائِرِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ التَّكَلُّمِ فِي الصَّلَاةِ وَظَاهِرُهَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالنَّاسِي وَالْجَاهِلِ.
وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ لِعَدَمِ فَسَادِ صَلَاةِ النَّاسِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكَلَّمَ فِي حَالِ السَّهْوِ وَبَنَى عَلَيْهِ كَمَا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَبِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا فَبَنَى عَلَى مَا صَلَّى» . وَبِحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ بِنَحْوِ هَذَا اللَّفْظِ وَاحْتَجُّوا لِعَدَمِ فَسَادِ صَلَاةِ الْجَاهِلِ