. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نيل الأوطار
أَوْ الْإِنْسِ لَكِنَّ الْمُرَادَ هَهُنَا شَيْطَانُ الْجِنِّ خَاصَّةً. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ) ظَاهِرُهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ إخْرَاجَ ذَلِكَ إمَّا لِيُشْغِلَهُ سَمَاعُ الصَّوْتِ الَّذِي يُخْرِجُهُ عَنْ سَمَاعِ الْمُؤَذِّنِ أَوْ يَصْنَعَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا كَمَا يَفْعَلُهُ السُّفَهَاءُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ شِدَّةُ خَوْفٍ حَتَّى يَحْدُثَ لَهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا قُضِيَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَرَاغُ وَالِانْتِهَاءُ، وَيُرْوَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى حَذْفِ الْفَاعِلِ، وَالْمُرَادُ: الْمُنَادِي
قَوْلُهُ (أَقْبَلَ) زَادَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " فَوَسْوَسَ ". قَوْلُهُ: (فَإِذَا ثُوِّبَ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ قِيلَ: هُوَ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ثُوِّبَ: إذَا أَشَارَ بِثَوْبِهِ عِنْدَ الْفَرَاغِ لِإِعْلَامِ غَيْرِهِ. قَالَ الْجُمْهُورُ: وَالْمُرَادُ بِالتَّثْوِيبِ هُنَا: الْإِقَامَةُ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ إذَا أُقِيمَتْ وَأَصْلُهُ رَجَعَ إلَى مَا يُشْبِهُ الْأَذَانَ، وَكُلُّ مَنْ يُرَدِّدُ صَوْتًا فَهُوَ مُثَوِّبٌ وَزَعَمَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّثْوِيبِ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ: حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: لَا تَعْرِفُ الْعَامَّةُ التَّثْوِيبَ فِي الْأَذَانِ إلَّا مِنْ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ. لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: الْإِقَامَةُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَخْطُرَ) بِضَمِّ الطَّاءِ
قَالَ الْحَافِظُ: كَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَضَبَطْنَاهُ عَنْ الْمُتْقِنِينَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ وَجْهٌ مَعْنَاهُ: يُوَسْوِسُ، وَأَصْلُهُ مِنْ خَطَرَ الْبَعِيرُ بِذَنَبِهِ إذَا حَرَّكَهُ فَضَرَبَ بِهِ فَخِذَيْهِ وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَمِنْ الْمُرُورِ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ فَيَشْغَلَهُ. وَضَعَّفَ الْهَجَرِيُّ فِي نَوَادِرِهِ الضَّمَّ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ) أَيْ قَلْبِهِ وَكَذَا هُوَ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ. قَالَ الْبَاجِيَّ: بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُهُ مِنْ إقْبَالِهِ عَلَى صَلَاتِهِ وَإِخْلَاصِهِ فِيهَا
قَوْلُهُ: (لَمَّا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ) أَيْ لِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى ذِكْرِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَهَلْ يَشْمَلُ ذَلِكَ التَّفَكُّرَ فِي مَعَانِي الْآيَاتِ الَّتِي يَتْلُوهَا لَا يَبْعُدُ ذَلِكَ لِأَنَّ غَرَضَهُ نَقْصَ خُشُوعِهِ وَإِخْلَاصِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَضِلَّ الرَّجُلُ) بِضَادٍ مَكْسُورَةٍ، كَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ: وَمَعْنَاهُ يَجْهَلُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ بِمَعْنَى: يَصِيرُ أَوْ يَبْقَى أَوْ يَتَحَيَّرُ. قَوْلُهُ: (إنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ الَّتِي لِلنَّفْيِ بِمَعْنَى لَا. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْأَكْثَرِ فَتْحَ الْهَمْزَةِ وَوَجْهُهُ بِمَا تَعَقَّبَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَيْسَتْ رِوَايَةُ الْفَتْحِ بِشَيْءٍ إلَّا مَعَ الضَّادِ فَيَكُونُ أَنَّ مَعَ الْفِعْلِ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ مَفْعُولًا لِضَلَّ بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ: أَيْ يَضِلُّ عَنْ دِرَايَتِهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى "
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مُبْطِلَةٍ لَهَا وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْمَالِ الْقَلْبِيَّةِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ. وَلِلْحَدِيثِ فَوَائِدُ لَيْسَ الْمَقَامُ مَحَلًّا لِبَسْطِهَا. قَوْلُهُ: (إنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ أُدَبِّرُ تَجْهِيزَهُ وَأُفَكِّرُ فِيهِ.