٩٥٩ - (وَعَنْ عَائِشَةً قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ)
ــ
نيل الأوطار
وَلَا رَوَى الْحَدِيثَ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: «إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَالَ: ابْنَ آدَمَ ارْكَعْ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ» قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ انْتَهَى.
وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَقَدْ صَحَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ حَدِيثَهُ إذَا كَانَ عَنْ الشَّامِيِّينَ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ، لِأَنَّ بَحِيرَ بْنَ سَعْدٍ شَامِيٌّ، وَإِسْمَاعِيلُ رَوَاهُ عَنْهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ قَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إلَيْهِمْ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الضُّحَى، لَكِنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ صَلَاةُ الضُّحَى
وَقَدْ قِيلَ: يُحْتَمَل أَنْ يُرَاد بِهَا فَرْضُ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي فِي أَوَّلِ النَّهَارِ حَقِيقَةً، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ: كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ» . قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ النَّهَارَ هَلْ هُوَ مِنْ طُلُوع الْفَجْرِ أَوْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ؟ . وَالْمَشْهُورُ الَّذِي يَدُلّ عَلَيْهِ كَلَام جُمْهُورِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَعُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهُ مِنْ طُلُوع الْفَجْرِ
قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ النَّهَارُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا مَانِع مِنْ أَنْ يُرَادَ بِهَذِهِ الْأَرْبَعِ الرَّكَعَاتُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ مَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْحَدِيثِ وَعَمَلِ النَّاسِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأَرْبَعِ رَكَعَاتِ صَلَاةِ الضُّحَى. انْتَهَى
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ دُخُولِ الضُّحَى، فَرَوَى النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ، عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ وَقْتَ الضُّحَى يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَكِنْ تُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ. وَذَهَبَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ إلَى أَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ مِنْ الِارْتِفَاعِ، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ. وَسَيَأْتِي مَا يُبَيِّنُ وَقْتَهَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
٩٥٩ - (وَعَنْ عَائِشَةً قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ) . الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الضُّحَى. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ عَنْ عَائِشَةَ، فَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ. وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلَتْ «هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَقَدْ جُمِعَ بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ قَوْلَهَا: " كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا. لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ " بَلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْوُقُوعِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَدْلُولُ كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْأُصُولِ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ