١٠٠٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَرَأَى أَصْحَابُهُ أَنَّهُ قَرَأَ تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَلَفْظُهُ: «سَجَدَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ قَرَأَ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ» .
ــ
نيل الأوطار
فَقُلْت مَا هَذِهِ) قِيلَ: هُوَ اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ، وَكَذَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ «أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَة أَلَم أَرَكَ تَسْجُدُ؟» وَحُمِلَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى اسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِ، وَبِذَلِكَ تَمَسَّكَ مَنْ رَأَى تَرْكَ السُّجُودِ لِلتِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَمَنْ رَأَى تَرْكَهُ فِي الْمُفَصَّلِ.
وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا رَافِعٍ وَأَبَا سَلَمَةَ لَمْ يُنْكِرَا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْد أَنْ أَعْلَمهُمَا بِالسُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا احْتَجَّا عَلَيْهِ بِالْعَمَلِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَأَيُّ عَمَلٍ يُدَّعَى مَعَ مُخَالَفَتِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ ظَاهِرَ السِّيَاقِ أَنَّ سُجُودَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْفَتْحِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَشْعَثَ عَنْ مَعْمَرٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ سُجُودَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا كَانَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ. وَذَهَبَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالنَّاصِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِي الْفَرْضِ، فَإِنْ فَعَلَ فَسَدَتْ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى لَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ» وَفِي مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «رُبَّمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ فَيَمُرّ بِالسَّجْدَةِ فَيَسْجُدُ بِنَا حَتَّى ازْدَحَمْنَا عِنْدَهُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا يَسْجُدُ فِيهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ» . وَالْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ بِدُونِ قَوْلِهِ: " فِي غَيْرِ صَلَاةٍ " كَمَا سَيَأْتِي. وَهَذَا تَمَسُّكٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: " فِي غَيْرِ صَلَاةٍ " وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ، لِأَنَّ الْقَائِلَ بِذَلِكَ ذَكَرَ صِفَةَ الْوَاقِعَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا السُّجُودُ الْمَذْكُورُ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي مَا ثَبَتَ مِنْ سُجُودِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْآتِي. وَبِهَذَا الدَّلِيلُ يُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ قِرَاءَةِ مَا فِيهِ. سَجْدَةٌ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ كَمَا ارُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَوْ السِّرِّيَّةِ فَقَطْ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
١٠٠٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَرَأَى أَصْحَابُهُ أَنَّهُ قَرَأَ تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَلَفْظُهُ: «سَجَدَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ قَرَأَ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ» ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّحَاوِيُّ وَالْحَاكِمُ وَفِي إسْنَادِهِ أُمِّيَّة شَيْخٌ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، رَوَاهُ لَهُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ وَهُوَ لَا يُعْرَف، قَالَهُ دَاوُد فِي رِوَايَةِ الرَّمْلِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِإِسْقَاطِهِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَدَلَّتْ رِوَايَةُ الطَّحَاوِيِّ عَلَى أَنَّهُ مُدَلِّسٌ. وَالْحَدِيثُ يَدُلّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي