١٠٠٨ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْهُمْ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى إنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .
١٠٠٩ - (وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سُورَةَ النَّحْلِ حَتَّى جَاءَ السَّجْدَةَ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا لَمْ نُؤْمَرْ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَفِي لَفْظِ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ إلَّا أَنْ نَشَاءَ) .
ــ
نيل الأوطار
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي خَاتِمَةِ النَّجْمِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فِيهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة إنَّمَا أَسْلَمَ سَنَة سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَة. وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ السُّجُودِ فَقَالَ مَا لَفْظُهُ: وَهُوَ حُجَّةٌ فِي أَنَّ السُّجُودَ لَا يَجِبُ اهـ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِالْأَوَامِرِ الْوَارِدَةِ بِهِ فِي الْقُرْآنِ كَمَا فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ وَخَاتِمَةِ النَّجْمِ وَسُورَةِ اقْرَأْ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الدَّعْوَى وَأَيْضًا الْقَائِلُ بِالْوُجُوبِ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِ السُّجُودِ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُقْتَضَى دَلِيلِهِ هَذَا أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَهُ. .
بَابُ السُّجُودِ عَلَى الدَّابَّةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِحَالٍ
الْحَدِيثُ فِي إسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ قَوْلُهُ: (وَالسَّاجِدُ فِي الْأَرْضِ) أَيْ وَمِنْهُمْ السَّاجِدُ فِي الْأَرْضِ قَوْلُهُ: (لَيَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ) فِيهِ جَوَاز سُجُود الرَّاكِبِ عَلَى يَدِهِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَهُوَ يَدُلّ عَلَى جَوَازِ السُّجُودِ فِي التِّلَاوَةِ لِمَنْ كَانَ رَاكِبًا مِنْ دُونِ نُزُولٍ، لِأَنَّ التَّطَوُّعَاتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ جَائِزَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا مِنْهَا. .
(الْأَثَرُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ. وَأَجَابَتْ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ بِأَنَّ نَفْيَ الْفَرْضِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْوُجُوبِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ اصْطِلَاحٌ لَهُمْ حَادِثٌ، وَمَا كَانَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَيُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ) .
وَتُعُقِّبَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: " إلَّا أَنْ نَشَاءَ "، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ مُخَيَّرٌ فِي السُّجُودِ