المبحث الثاني موطنه ومولده
تجمع المصادر التي بين أيدينا أن الأشعري ولد بالبصرة، وانتقل منها إلى بغداد بعد رجوعه عن الاعتزال، ولم أر في ذلك خلافاً بين المؤرخين، ويقولون في ترجمته: وهو بصري سكن بغداد.
أما عن تاريخ ولادته فتكاد تجمع المصادر على تحديده أيضاً، فمعظمهم يثبت أنه ولد سنة ستين ومائتين، وابن عساكر - وهو مؤرخ له قيمته - يذكر ذلك عن أبي بكر الوزان ويعقب عليه بقوله: "لا أعلم لقائل هذا القول في تاريخ مولده مخالفاً"١.
ومع هذا نجد بعض من جاء بعد ابن عساكر كابن خلكان (ت/٦٨١هـ) والمقريزي (ت/٨٤٥هـ) يذكران خلافاً في مولده، فالأول يقول: "ولد سنة سبعين، وقيل ستين ومائتين بالبصرة"٢، والثاني يقول: "ولد سنة ست وستين ومائتين، وقيل سنة سبعين"٣.
وفي الحقيقة أن هذا الخلاف لا يعتبر حيث إن أقوى المصادر السابقة واللاحقة تذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين، وهو ما يتفق مع حياته وأطواره التي عاشها - حيث تذكر لنا المصادر أنه بقي في الاعتزال أربعين عاماً٤، وأن تحوله عنه كان عام ثلاثمائة٥، وعليه فيكون مولده عام ستين ومائتين وهو ما أراه صحيحاً.
وقد رجح ذلك أيضاً مرتضى الزبيدي٦ في ترجمته عن الأشعري فقال: "ولد سنة ستين ومائتين، وقيل سنة سبعين، والأول أشهر، كما رجحت ذلك أيضاً الدكتورة فوقية حسين في ترجمتها للأشعري"٧.
١ تبيين كذب المفتري ص١٤٦، وانظر: مصادر ترجمته التي أشرت إليها سابقاً.
٢ وفيات الأعيان لابن خلكان ٣/٢٨٤.
٣ الخطط للمقريزي ٣/٣٠٧.
٤ انظر: تبيين كذب المفتري ص٣٩، وطبقات الشافعية الكبرى ٣/٣٤٧.
والمراد بهذا التعبير أنه بقي على مذهب الاعتزال من صغره حتى بلوغه سن الأربعين من عمره.
٥ انظر: تبيين كذب المفتري ص٥٦.
٦ إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين ٢/٣.
٧ انظر: مقدمة تحقيقها لكتاب الإبانة ص١٣.