الأشعري بعد خروجه على الاعتزال وقبل أن يمحص عقيدته بالرجوع الكامل إلى مذهب السلف - وسيأتي الكلام حول ذلك بتفصيل إن شاء الله تعالى.
وظل أتباعه إلى يومنا هذا يسلكون منهجاً مخالفاً لمنهج الأشعري الجديد مع انتسابهم إليه، وظنوا في أنفسهم كما ظن بهم غيرهم أنهم حقاً هم أهل السنة والجماعة، والواقع يرفض ذلك، وإن كتب الأشعري التي كتبها على طريقة السلف وكتب أتباعه المخالفة لعقيدة السلف والمشهورة لخير دليل على ما نقول.
وكان الأحرى والأولى بالمنتسبين إلى الأشعري أن يقفوا على منهجه بدقة، ويقولوا بقوله الذي لقي الله عليه، أو يتركوا الانتساب إليه إحقاقاً للحق ووضعاً للأمور في نصابها، وحتى لا تخدع العامة بهم فيأخذوا قولهم على أنه قول أهل السنة والجماعة والأمر ليس كذلك..
ولتوضيح هذه الحقيقة اخترت كتاباً من كتب الأشعري لتحقيقه والتعليق عليه، ولبيان مدى موافقة الأشعري فيه لمنهج السلف ومعتقدهم، ومن ثم يظهر لنا مدى مخالفة الأشعريين الذين انتسبوا إلى الأشعري لإمامهم وأستاذهم.
وليس لي هدف من وراء ذلك إلا إنصاف الأشعري، ودعوة أتباعه إلى سلوك طريقته ومنهجه الذي لقي الله عليه، مع الوقوف التام على مذهب السلف أهل السنة والحديث كالإمام البخاري وأحمد بن حنبل والدارمي وغيرهم، ولهم - ولله مزيد الحمد والفضل - في كل عصر ومصر أتباع يقولون بقولهم ويعتقدون بعقيدتهم، وهم حقاً أهل السنة والجماعة. أصحاب الحديث والأثر وأعلام السلف.
ويجب على جميع الجماعات الإسلامية الجامعات كذلك أن تقف عند عقيدتها وتفحصها لترى مدى مطابقتها لمذهب السلف في أصول الدين أم لا، وخاصة في العصر الذي نعيش فيه اليوم، حيث جهل معظم الناس العقيدة السلفية الصحيحة، واتبعوا أهل الأهواء والبدع وسلكوا طريقة الفلاسفة والمتكلمين، وتركوا طريقة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ولقد ذكر ذلك الدكتور ((سامي النشار)) و ((جمعة طالبي)) في مقدمة كتاب ((عقائد السلف)) فقال: "إن المؤسسات الثقافية الكبرى عندنا كالأزهر وبقية الجامعات لم تولها أيَّ اهتمام ولا اعتبار في مناهجها ودراستها ذلك أن الدارسين اعتمدوا على كتب المتأخرين