أَنه لم يكن وَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا بِغَيْرِهِ وَإِذا ثَبت الْغَيْر لزم الْحَدث إِذْ الْقدَم يمْنَع الْكَوْن لغيره
وَأَيْضًا أَن كل محسوس لَا يَخْلُو عَن إجتماع طبائع مُخْتَلفَة ومتضادة مِمَّا حَقّهَا التنافر والتباعد لأنفسها ثَبت إجتماعها بغَيْرهَا وَفِي ذَلِك حَدثهُ وَالله الْمُوفق
وَأَيْضًا أَن الْعَالم ذُو أَجزَاء وأبعاض وَيعلم أَكثر أَبْعَاضه أَنه حَادث بعد أَن لم يكن وَيعلم نماؤه وإتساعه وَكبره لزم ذَلِك فِي كُله إِذْ لَا يصير إجتماع أَجزَاء متناهية غير متناهية
وَأَيْضًا أَن مِنْهُ طيب وخبيث وصغير وكبير وَحسن وقبيح وَنور وظلمة وَهَذِه آيَات التَّغَيُّر والزوال وَفِي التَّغَيُّر والزوال فنَاء وهلاك إِذْ مَعْلُوم أَن الإجتماع يُؤَكد ويقوى ويعظم دَلِيله النشر وَأَنه إِذا تفرق بَطل ذَلِك فَثَبت أَن ذَلِك آيَة الفناء وَمَا احْتمل الفناء لم يجز كَونه بِنَفسِهِ
وَيلْزم أَيْضا إحتمال الإبتداء وَلَيْسَ لقَوْل من يَقُول يغيب عَن الْأَبْصَار وَلَا يفنى معنى لما علم الْعَالم بالبصر لَا بالدلائل وَبِه يدعى الْقدَم فقد زَالَ ذَلِك مَعَ مَا أَنا بَينا من وهنه وَلَا فرق بَين حَيَاة تفنى وَبَين ذَاته وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وعَلى ذَلِك طَرِيق علم الإستدلال مَعَ مَا أَنه لَا يَخْلُو الْجِسْم من حَرَكَة أَو سُكُون وَلَيْسَ لَهَا الإجتماع فيزول من جملَة أوقاته نصف الْحَرَكَة وَنصف السّكُون وكل ذِي نصف متناه على أَنَّهُمَا إِذْ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْقدَم لزم حدث أحد الْوَجْهَيْنِ ويبطلانه أَن يكون مُحدثا فِي الْأَزَل لزم فِي الآخر وَفِي ذَلِك حدث مَا لَا يَخْلُو عَنهُ
وَأَيْضًا أَن كل جسم لَا يَخْلُو عَن سُكُون دَائِم أَو حَرَكَة دائمة أَو هما وَمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا مَدْفُوع إِلَيْهِ مسخر بِهِ ومجعول لمنافع غير وَإِذا كَانَ ذَلِك وصف جَوَاهِر الْعَالم الَّتِي لَا تُوصَف بِالْحَيَاةِ ثَبت أَنَّهَا محدثة إِذْ هِيَ لَا على مَا هِيَ بِنَفسِهَا وَلَكِن على تسخيرها وتذليلها وإستعمالها فِي حوائج غَيرهَا وَإِذا ثَبت ذَلِك فِي أصل