جَاءَ من الْحُرُوف الْمُقطعَة وَغير ذَلِك مِمَّا يُؤمن الْمَرْء أَن يكون ذَا مِمَّا المحنة فِيهِ الْوَقْف لَا الْقطع وَالله أعلم
وَقَالَ الكعبي مرّة لَا يجوز أَن يكون الله عز وَجل يحويه مَكَان لما كَانَ وَلَا مَكَان لم يجز أَن يحدث لَهُ حَاجَة إِلَى الْمَكَان إِذْ خلقه لما لَا يجوز عَلَيْهِ التَّغَيُّر ثمَّ قَالَ هُوَ فِي كل مَكَان على معنى أَنه عَالم بِهِ حَافظ لَهُ كَمَا يُقَال فلَان فِي بِنَاء الدَّار أَي فِي فعله
قَالَ أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله فَمَا قَالَ بِأَنَّهُ لَا يحويه مَكَان بِمَا كَانَ وَلَا مَكَان حق إِذْ ذَلِك تغير وَالْقَوْل بِالْحَاجةِ لَا يَقُوله خَصمه فتعليق الدّفع بِهِ خطأ ثمَّ هُوَ يزْعم أَنه كَانَ غير خَالق وَلَا رَحْمَن وَلَا مُتَكَلم ثمَّ صَار كَذَلِك بعد أَن لم يكن ثَبت بِهِ التَّغَيُّر بل التَّغَيُّر فِي الْمَكَان من حَيْثُ أَن يصير الْمَرْء فِي مَكَان لم يكن فِيهِ بِلَا تغير نَحْو أَن يتَّخذ لَهُ مَكَان يُحِيط بِهِ وَلَا يجوز أَن يُوجد تغير من حَيْثُ لَا تغير فِي ذَات الْفَاعِل فِي الشَّاهِد وَإِذ منع القَوْل بِهَذَا فِي الْمَكَان فَهُوَ فِي الْفِعْل أولى إِذْ يكون التَّغَيُّر فِيهِ أَشد وَأولى مَعَ مَا لَا يكون أحد فِي الشَّاهِد فَاعِلا بِلَا تغير يَعْتَرِضهُ وَجَائِز كَونه فِي مَكَان وَهُوَ الَّذِي فِيهِ خلق لَا تغير لذَلِك كَانَ معنى التَّغَيُّر فِي الْفِعْل أَشد وَالله الْمُوفق
ثمَّ الْعجب فِي قَوْله هُوَ فِي كل مَكَان بِمَعْنى الْعَالم والعالم اسْم ذَاته وَهُوَ بِذَاتِهِ عِنْده لَيْسَ فِي مَكَان وَلَا تحقق لله علما ليبلغ الْمَكَان الَّذِي قَالَ هُوَ فِيهِ
تأملوا لتفهموا تناقضه فِي القَوْل
ثمَّ زعم أَنه يحفظه مرّة وَمرَّة أَنه يَفْعَله وَحفظه وَفعله فِي الْأَمْكِنَة لَيْسَ غير الْأَمْكِنَة فَصَارَ حَاصِل قَوْله الله فِي كل مَكَان فِي الْأَمْكِنَة وَذَلِكَ خلف من القَوْل بل هُوَ عَالم بالأمكنة كلهَا قبل كَونهَا وَبعد كَونهَا وَالله الْمُوفق
قَالَ الْفَقِيه أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله وَأما رفع الْأَيْدِي إِلَى السَّمَاء فعلى الْعِبَادَة