إِلَى الْعِبَادَة وَهِي محنة بل سَأَلَ الرُّؤْيَة ليجل قدره وليعرف عَظِيم مَحَله عِنْد الله أَو أَن يكون الله أمره بِهِ ليعلم الْحلق جَوَاز ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
ثمَّ اسْتدلَّ بِأَنَّهُ لم ير من يعقل إِنَّمَا أرى الْجَبَل والجبل لَا يعقل ليعلمه وليراه
فَيُقَال لَهُ وَلَو كَانَت آيَة فالجبل لَا يَرَاهَا وَلَا يعقل وَإِذا كَانَ كَذَلِك فالآية إِذا صَار اندكاك الْجَبَل لَا أَن أرَاهُ الْآيَة ليندك بهَا وَفِي هَذَا آيَة قد أرى مُوسَى الْآيَة وَهُوَ اندكاك الْجَبَل وَالله تَعَالَى يَقُول {لن تراني} وَحَمَلته على الْآيَة وَقد رَآهَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ سَأَلَ نَفسه عَن معنى تَوْبَته وَلَا يسْأَل عَنهُ فَزعم أَنه لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَنه علم بِمَا أرَاهُ من الْأَدِلَّة أَن ذَلِك صَغِيرَة تَابَ عَنْهَا وَالثَّانِي على الْعَادة فِي الْخلق من تجديدها عِنْد الْأَهْوَال بِلَا حُدُوث ذَنْب
قَالَ أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله وَلَو كَانَ صَغِيرَة لَكَانَ أولى من تَركه إِلَى أَن يعلم بالأدلة وَهِي فِي الْأَعْلَام فِي غير حَال الْإِغْمَاء أَحَق مِنْهَا فِي حَال الْإِغْمَاء وَالثَّانِي يَصح ذَلِك عِنْد معاينته الهول لَا عِنْد سكونه وإبداله بالأمن والإفاقة وَذَلِكَ وَقت معاينته عَصَاهُ يَهْتَز فولى مُدبرا أَحَق وَالله الْمُوفق
لكنه يحْتَمل أَن يكون إِذْ قَالَ لَهُ لن تراني وَكَانَ عِنْده جَوَاز الرُّؤْيَة فِي الشَّاهِد وإحتمال وَسعه ذَلِك بِمَا وعد الله لَهُ فِي الْآخِرَة رَجَعَ عَمَّا كَانَ عِنْده وآمن بِالَّذِي قَالَ {لن تراني} وَإِن كَانَ فِي أصل إيمَانه دَاخِلا على نَحْو إِحْدَاث الْمُؤمنِينَ الْإِيمَان بِكُل آيَة ينزل وَبِكُل فَرِيضَة تتجدد وَإِن كَانُوا فِي الْجُمْلَة مُؤمنين بِالْكُلِّ وَالله الْمُوفق
وَقد بَينا مَا قَالَ فِي قَوْله {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة}
قَالَ الْفَقِيه أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله وَالْأَصْل فِي الْكَلَام أَنه إِذا كَانَ على أَمر مَعْهُود أَو يقرن بِهِ الْمَقْصُود إِلَيْهِ صرف عَن حَقِيقَته وَإِلَّا لَا نَحْو قَوْله