أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، قَالَ : لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ ، لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَيْهِ ، فَجَاءَ , فَقَالَ : قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَدُوَّ اللَّهِ , فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ ، قَالَ : وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ ، قَالَ : أَوَ لا تَدْرِي أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ لَحْظَةً , فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضِيَّةً , فَلَعَلَّهُ يَكْفِينَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ ، قَالَ : فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , فَأَتَاهُ كِتَابُهُ , فَأَعْجَبَهُ , وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ , وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يُهَدِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً , فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ الْكَلامِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ , وَكَتَبَ قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلافٌ وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ , فَارْفُقْ بِهِ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَايَعَ ابْنُ عُمَرَ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ لابْنِ الْحَنَفِيَّةِ : مَا بَقِيَ شَيْءٌ , فَبَايِعْ , فَكَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، أَمَّا بَعْدُ , فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتِ اعْتَزَلْتُهُمْ , فَلَمَّا أَفْضَى هَذَا الأَمْرُ إِلَيْكَ , وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ ، أَدْخُلُ فِي صَالِحِ مَا دَخَلُوا فِيهِ , فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الْحَجَّاجَ لَكَ , وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَيْعَتِي , وَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِينَا مِيثَاقًا عَلَى الْوَفَاءِ ، فَإِنَّ الْغَدْرَ لا خَيْرَ فِيهِ , فَإِنْ أَبَيْتَ ، فَإِنَّ أَرْضَ اللَّهِ وَاسِعَةٌ " , فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكِتَابَ ، قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ : مَا لَكَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ، وَلَوْ أَرَادَ فَتْقًا لَقَدِرَ عَلَيْهِ ، وَلَقَدْ سَلَّمَ وَبَايَعَ ، فَنَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِالأَمَانِ لَهُ وَالْعَهْدِ لأَصْحَابِهِ , فَفَعَلَ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ : إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُودٌ , أَنْتَ أَحَبُّ وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِمًا مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَلَكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وذمة اللَّه , وَذِمَّةُ رَسُولِهِ , أَنْ لا تُهَاجَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ ، ارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ , وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ , وَلَسْتَ أَدْعُ صِلَتَكَ وَعَوْنَكَ مَا حَيِيتُ ، وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَأْمُرُهُ بِحُسْنِ جِوَارِهِ وَإِكْرَامِهِ ، فَرَجَعَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْمَدِينَةِ " .