قَالَ : أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " أَقَامَ الْحَجَّ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , ثُمَّ صَدَرَ ، فَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَةِ , فَخَطَبَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ , ثُمَّ أَقَامَ خَطِيبًا لَهُ آخَرَ ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَتَكَلَّمَ الْخَطِيبُ , فَكَانَ مِمَّا تَكَلَّمَ بِهِ يَوْمَئِذٍ أَنْ وَقَعَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَذَكَرَ مِنْ خِلافِهِمُ الطَّاعَةَ وَسُوءَ رَأْيِهِمْ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ , وَمَا فَعَلَ أَهْلُ الْحَرَّةِ , ثُمَّ قَالَ : مَا وَجَدْتُ لَكُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مَثَلا إِلا الْقَرْيَةَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ : وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ سورة النحل آية 112 ، فَبَرَكَ ابْنُ عَبْدٍ , فَقَالَ لِلْخَطِيبِ : كَذَبْتَ كذبت , لَسْنَا كَذَلِكَ ، اقْرَأ الآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا : وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ سورة النحل آية 113 ، وَإِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ , فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدٍ ، وَثَبَ الْحَرَسُ عَلَيْهِ , فَالْتَفُّوا بِهِ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُمْ قَاتَلُوهُ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ الْمَلِكِ , فَرَدَّهُمْ عَنْهُ , فَلَمَّا فَرَغَ الْخَطِيبُ ، وَدَخَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ الدَّارَ ، أَدْخَلَ عَلَيْهِ ابْنَ عَبْدٍ ، قَالَ : فَمَا أَجَازَ أَحَدًا أَكْثَرَ مِنْ جَائِزَتِهِ , وَلا كَسَا أَحَدًا أَكْثَرَ مِنْ كِسْوَتِهِ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدٍ ، قَالَ : لَمَّا تَكَلَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ ، وَرَدَّ عَلَيْهِ أَبِي ، وَثَبَّتَ الشُّرْطَةَ إِلَى أَبِي , فَدَخَلُوا بِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، قَالَ : فَأَغْلَظَ لَهُ بَعْضَ الْغِلْظَةِ بَيْنَ يَدَيْ أَهْلِ الشَّامِ ، قَالَ : فَلَمَّا خَرَجَ أَهْلُ الشَّامِ ، قَالَ لَهُ : يَا ابْنَ عَبْدٍ , قَدْ رَأَيْتُ مَا صَنَعْتَ ، وَقَدْ عَفَوْتُ ذَلِكَ عَنْكَ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْعَلَهَا بِوَالٍ بَعْدِي ، فَأَخْشَى أَنْ لا يَحْمِلَ لَكَ مَا حَمَلْتُ ، إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ , وَحَلِيفُنَا مِنَّا وَأَنْتَ أَحَدُنَا ، مَا دَيْنُكَ ؟ قَالَ : خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ . قَالَ : فَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ , وَأَجَازَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ سِوَى ذَلِكَ ، قَالَ : وَكَسَاهُ كِسْوَةً فِيهَا كِسَاءُ خَزٍّ أَخْضَرُ ، عِنْدَنَا قِطْعَةٌ مِنْهُ " .