أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " كَانَتْ فَدَكُ صَفِيًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَتْ لابْنِ السَّبِيلِ ، وَسَأَلَتْهُ ابْنَتُهُ فَدَكَ أَنْ يَهَبَهَا لَهَا , فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ عَلَيْهَا , فَلَمْ يَطْمَعْ فِيهَا طَامِعٌ , ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ، فَوَلِيَ أَبُو بَكْرٍ , فَسَلَكَ بِهَا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَفْعَلُ , ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ ، وَوَلِيَ عُمَرُ , فَسَلَكَ بِهَا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَفْعَلُ , ثُمَّ كَانَ عُثْمَانُ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ , فَلَمَّا كَانَتِ الْجَمَاعَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَلَّى مُعَاوِيَةُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ , فَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَطْلُبُ إِلَيْهِ فَدَكَ , فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا , فَكَانَتْ بِيَدِ مَرْوَانَ ، يَبِيعُ ثَمَرَهَا بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ , ثُمَّ نَزَعَ مَرْوَانُ عَنِ الْمَدِينَةِ , وَغَضِبَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ , فَقَبَضَهَا مِنْهُ , فَكَانَتْ بِيَدِ وَكِيلِهِ بِالْمَدِينَةِ , وَطَلَبَهَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ مُعَاوِيَةَ ، فَأَبَى مُعَاوِيَةُ أَنْ يُعْطِيَهُ , وَطَلَبَهَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ، فَأَبَى مُعَاوِيَةُ أَنْ يُعْطِيَهُ , فَلَمَّا وَلَّى مُعَاوِيَةُ مَرْوَانَ الْمَدِينَةَ الْمَرَّةَ الآخِرَةَ ، رَدَّهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ طَلَبٍ مِنْ مَرْوَانَ ، وَرَدَّ عَلَيْهِ غَلَّتَهَا فِيمَا مَضَى , فَكَانَتْ بِيَدِ مَرْوَانَ ، فَأَعْطَى عَبْدَ الْمَلِكِ نِصْفَهَا ، وَأَعْطَى عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ نِصْفَهَا , فَوَهَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ نِصْفَهَا الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : فَلَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ ، طَلَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْوَلِيدِ حَقَّهُ ، فَوَهَبَهُ لَهُ , وَطَلَبَ إِلَى سُلَيْمَانَ حَقَّهُ ، فَوَهَبَهُ لَهُ , ثُمَّ بَقِيَ مِنْ أَعْيَانِ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ حَتَّى خَلَصَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ " . قَالَ جَعْفَرٌ : فَلَقَدْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخِلافَةَ ، وَمَا يَقُومُ بِهِ وَبِعِيَالِهِ إِلا هِيَ ، تُغِلُّ عَشَرَةَ آلافِ دِينَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، وَأَقَلَّ قَلِيلا ، وَأَكْثَرَ , فَلَمَّا وَلِيَ الْخِلافَةَ ، سَأَلَ عَنْ فَدَكَ ، وَفَحَصَ عَنْهَا , فَأُخْبِرَ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ , وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ ، حَتَّى كَانَ مُعَاوِيَةُ ، قَالَ : فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كِتَابًا ، فِيهِ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، سَلامٌ عَلَيْكَ , فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ ، أَمَّا بَعْدُ , فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي أَمْرِ فَدَكَ , وَفَحَصْتُ عَنْهُ , فَإِذَا هُوَ لا يَصْلُحُ لِي , وَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ , وَأَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ ، وَأَتْرُكَ مَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ , فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا ، فَاقْبِضْهَا ، وَوَلِّهَا رَجُلا يَقُومُ فِيهَا بِالْحَقِّ , وَالسَّلامُ عَلَيْكَ " .