و"حان" الشيء إذا جاء حينه.
والمعنى: جاء وقت قتل مسيلمة الكذاب ومهلكه بعد تعب شديد، وحوب أكيد، والحال أنه كان بلاء عظيمًا على قراء القرآن، وأمرًا مستصعبًا على أهل الإيمان، فإن عِدَّةَ من قُتِل من القراء يومئذ سبعمائة، هذا وقيل (١): (في البيت تقديم وتأخير فلو قال:
وكان بأسا على القراء مستعرًا … وبعد بأس شديد حينُه حضرا؛ لرتب (٢).
قلت: الترتيب مستفاد في المعنى فلا يحتاج إلى الترتيب في المبنى؛ إذ المعنى: وكان قبل ذلك، أو الجملة حالية (٣) هنالك، مع ما في تأخيره من المناسبة لقوله:
٢٥ - نادى أبا بكر الفاروقُ خِفتُ على الـ … ـقُرَّاءِ فادَّرِكِ القرآن مُسْتَطِرا
"الفاروق"؛ بالرفع على أنه فاعل"نادى"و"ادَّرِكِ"؛ أصله ادترك؛ أمر من باب الافتعال في الدرك بمعنى الادراك، و"مُسْتَطِرا"؛ اسم فاعل؛ حال مقدر، أو اسم مفعول؛ حال مقدر.
والمعنى: ذكر عمر الفاروق بأعلى صوته للصديق تنبيهًا له عن ذهوله وغفلته عن مقام التحقيق بقوله: خفت على بقية القراء أن يقتلوا في المهالك، كما قتل أولئك، فلا يوجد إمام في القراءة، مع احتياجها إلى جمع كثير في الرواية، فتدارك القرآن حال كونك آمرًا بكتابته ليكون المكتوب مرجعًا في درايته، وباعثًا لكثرة قراءته، وسببًا لصحة روايته.
(١) قائل ذلك هو الجعبري في الجميلة صـ ٥٥.
(٢) قوله: لرتب جواب لو قال.
(٣) يعني جملة: وكان بأسًا على القراء … أي: حان مصرعه حال كون البأس على القراء مستعرا.