وضعف حزمه، وسعة علمه وكثرة فضله، وقد أصابه من الخلاف والتعذر وانتشار الأمر واضطراب الحبل وظفر الأعداء وشماتة الحساد، ما قد رأيتم. ثم قد جئتم تشبثون بطعن سلمان، وقول أبي سفيان، وقعود خالد، كأنكم لم تعرفوا ما عند خصومكم، غرارة ونقصا.
وأعجب من هذا أنكم مرة تزعمون أن الذي حمل بني أمية على صرف الإمامة عن علي الضغن الذي في نفوسها، والأحقاد التي في صدورها، لقتل علي أبناءها وإخوتها وأعمامها. ومرة تعتلون وتحتجون في نقض إمامة أبي بكر بطعن عظيمي بني أمية في إمامته كعلي، كخالد بن سعيد وأبي سفيان بن حرب. وإذا شئتم كانا لكم، وإذا شئتم كانا عليكم.
وأما ما ذكرتم من قول أبي بكر: "ما كانت بيعتي إلا فلتة"، وقول عمر: "ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة وقى الله شرها" فإن الأمر على هذا واضح، والحجة فيه قائمة.
وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توفي كان الناس على طبقات:
من رجل مؤمن عالم، ناصح لله ورسوله.
ومن رجل مطاع ليس له علم بالإمامة، وما السبب الذي به تنعقد من السبب الذي به تنحل.
ومن رجل مكانه في قريش أشرف من مكان أبي بكر، وليست غايته صلاح المسلمين، إنما غايته أن يكون الإمام من أقرب القبائل إليه، ليزداد هو وقومه بذلك شرفا وفخرا.
ومن رجل له قرابة فهو يرى أنها تغنيه عن العلم والعمل.
ومن رجل شديد في بأسه، ضعيف في دينه، مخف في ذات يده،