وقد نشأ في عائلة اشتهرت بالعلم والمكانة، فجده مجد الدين عبد السلام بن عبد الله من العلماء الأعلام، صاحب التصانيف النافعة التي منها: "المنتقى من أحاديث الأحكام"، "والمجرد في الفقه" وغيرهما. ووالده شهاب الدين أبو المحاسن شيخ حران وحاكمها وخطيبها بعد وفاة والده مجد الدين. وإخوته ثلاثة، وهم: بدر الدين أبو القاسم محمد بن خالد الحراني، وشقيقاه: زين الدين عبد الرحمن بن عبد الحليم، وشرف الدين عبد الله بن عبد الحليم، جميعهم اشتهروا بالعلم والفضل.
ففي هذه البيئة العلمية الصالحة كانت نشأة ابن تيمية، وقد بدأ بطلب العلم أولاً على والده وعلماء دمشق، فحفظ القرآن وهو صغير، ودرس الحديث والفقه والأصول والتفسير، وعُرف بالذكاء وقوة الحفظ والنجابة منذ صغره، ثم توسع في دراسة العلوم وتبحر فيها حتى أفتى ودرَّس قبل بلوغ العشرين عاماً، وما لبث أن صار إماماً يعترف له الجهابذة بالعلم والفضل والإمامة، قبل بلوغ الثلاثين من عمره.
* مكانته ومنزلته
لقد تبوأ شيخ الإسلام ابن تيمية مكانة عظيمة بين علماء عصره، لأسباب منها:
١ - العلم الغزير، فهو إن درّس أو خطب أو أفتى أو كتب رسالة أو كتاباً في أي فن من الفنون أتى بما يفوق علماء عصره، وما يبهر عقولهم.
٢ - بُعده عن المناصب أو أخذ رواتب من الدولة، وكان ذلك عن عزم وتصميم، فلم يتول القضاء أو الإمارة أو غيرها، حتى وهو في السجن لم يأكل من الطعام الذي يُحضر له في السجن.
٣ - جهاده في سبيل الله، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر،
= لأنه أول من بناها فعرِّبت فقيل حران، وبها منازل الصابئة الذي يقال لهم: (الحرانيون).
فتحها عياض بن غنم سنة ١٧ هـ لما فتح الجزيرة، وهناك حران الكبرى وحران الصغرى قريتان بالبحرين، وحران أيضاً من قرى حلب. انظر: معجم البلدان، تأليف ياقوت الحموي تحقيق فريد عبد الرحمن الجندي ٢/ ٢٧١ - ٢٧٢ رقم ٣٥٨٦، الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ الناشر دار الكتب العلمية بيروت - لبنان.