سيد الخلق لم تستسقِ الصحابة -رضوان الله عليهم- عند قبره، ولا أقسموا به على الله، ولا عرّفوا عند قبره، فكيف غيره؟.
وكذلك إذا قيل: إنه يسجد لقبر الشيخ أو يُستلم ويُقبّل، قيل: إذا كان قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسجد له ولا يستلم ولا يقبّل باتفاق الأئمة (١)، فكيف بقبر غيره؟.
وكذلك إذا قيل: الموضع الذي كان الشيخ يصلي فيه لا يصلي فيه غيره احترامًا له، قيل له (٢): إذا كان الصحابة صلوا في الموضع الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيه، فكيف لا يصلي في موضع مصلى غيره؟ وهو أحق بالاحترام من كل أحد.
وكذلك إذا قيل: إن الشيخ الميت يدعى ويسأل ويستغاث به، قيل له (٣): إذا كان الأنبياء بعد موتهم لا يدعون ولا يسألون ولا يستغاث بهم، فكيف بمن دونهم (٤)؟.
وإذا قيل: يُطلب من الشيخ كل شيء، فقيل: ما لا يقدر عليه إلا الله؛ لا يطلب من الأنبياء، فكيف يطلب ممن دونهم؟.
وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول (٥): لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك (٦)، لا ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة، فيقول: يا رسول الله: أغثني، فأقول: لا
= يوم عرفة من الدعاء والثناء. انظر: الباعث على إنكار البدع والحوادث، للعلامة أبي شامة الشافعي، تحقيق عادل عبد المنعم ص ٤٨، وسيأتي بيان هذه البدعة والكلام عنها ص ٣٠٧.
(١) نقل هذا الإجماع الإمام النووي في الإيضاح في المناسك ص ١٦٠ - ١٦١ الطبعة الثانية ١٤٠٦ هـ، وقال الغزالي في إحياء علوم الدين ٣/ ١٠٣: مس وتقبيل المشاهد من عادات اليهود والنصارى. أ. هـ. وقد ذكره غيرهم.
(٢) سقط من (ف) و (د).
(٣) سقط من (ف) و (د).
(٤) كذا في (ف) و (د) و (ح) وفي الأصل: بغيرهم، وعليها إشارة للهامش وليس فيه شيء.
(٥) في (ف) (قد أبلغتك) وهي زيادة على نص البخاري.
(٦) في (د) و (ح) قد أبلغتك لا أملك لك من الله شيئًا.