خصائصه أو من خصائص الرسل فلا كلام فيه، وإن قيل: إن هذا سائغ للأنبياء كلهم فلا بد من دليل الاختصاص بالأنبياء، وأما إن قيل: إن موسى رجع عن تلك اللطمة لما اختار الموت وأجاب إلى ما طلب منه الملك من إجابة ربه؛ كان هذا مما رجع عنه موسى، ومثل ذلك ليس مما يقتدى فيه بالأنبياء، وذلك أن موسى لطمه بغضاً للموت؛ فلما رجع إليه وخيّره بين أن يضع يده على متن ثور فما وارته يده من شعره فإنه يعيش بها سنه وبين الموت؛ اختار الموت.

الوجه السادس: إن قول موسى: إن آدم أغوى الناس وأخرجهم من الجنة، وإنه خيبهم وأخرجهم من الجنة، إما أن يقول: إنه صدق، وإما أن يقول: لم يكن كذلك، وإنما قاله (١) باجتهاد وتأويل، فإن قال (٢): إنه صدق لا خطأ فيه، قيل: فمن الذي منع غير موسى أن يقول: الصدق الذي لا خطأ (٣) فيه، وقول القائل ليس لواحد منا أن يقول: الصدق الذي لا خطأ فيه الذي قاله الأنبياء؛ دعوى مجردة لا يثبت بها حكم، لكن صاحب هذا الكلام يتكلم بحاله وما يخطر (٤) له من غير اعتصام بالأدلة الشرعية.

وإن قيل: إن موسى -عليه السلام-قاله (٥) مجتهداً متأولاً ولم يكن الأمر كذلك، أو قال بحسب اعتقاده ولم يكن الأمر كذلك؛ كان كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لم أنس ولم تقصر الصلاة"؛ فإنه قال معتقداً أنه أتم الصلاة، فقال له ذو اليدين: بل قد نسيت، فقال: "أكما يقول ذو اليدين"، قالوا: نعم (٦)، وكذلك

(١) في (د) قال.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة اقتضاها السياق.
(٣) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وفي الأصل أخطأ.
(٤) في الأصل (بنا) فوق السطر وهي زيادة.
(٥) كذا في (ف) و (د) و (ح) وفي الأصل (قال).
(٦) أخرجه مسلم في (كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له) رقم ٥٧٣، ١/ ٤٠٣ والترمذي في (كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر) رقم ٣٩٩، ٢/ ٢٤٨ وأبو داود في (كتاب الصلاة، باب السهو في السجدتين) رقم ١٠٠٨، ١/ ٦١٢ والنسائي في (كتاب السهو، باب ما يفعل من سلم من ركعتين ناسيًا وتكلم) رقم ١٢٢٢، ٣/ ٢٠ وغيرهم، واللفظ للنسائي، وقد سبق تخريج قطعة من الحديث ص ٣٩٥.