وقوله: ((على هذا أنه يعارض اشتغاله بذمته بالدين)).
قلنا: ولكن الرجحان لوصف السوم والتجارة، لأنه وصف لازم المال، وأما الدين بالذمة فلا تعلق بالمال.
يبينه: أنه يوجد فاضل عن الحاجة لا تجب فيه الزكاة مثل ما يملكه من العبد والدواب والحوانيت التي لا يريد بها التجارة ولا حاجة له إليها لبذلته، فكذلك يجوز أن يوجد مشغول بحاجته تجب فيه الزكاة وكان المعنى في الأول وصف النماء وإن كان فاضلاً عن حاجته، وكذلك ههنا المعنى في الوجوب وصف النماء وإن كان مشغولاً بحاجته، وعلى هذا انزاح الإشكال، ووضح الكلام نهاية الوضوح.
وأما فصل الحج فوجه الجواب عنه:
أن وجوب الحج بالمكنة، ولا يمكن مع الدين حقيقة وحكماً.
أما الحقيقة المحسوسة فلأنه يطالب ويلازم ويحبس فلا يتمكن من الخروج، وأما الحكم فلأن المسلم هو الدين الحال، وقد ثبت عندنا أن الحج على التراخي والدين على الفور فقدم عليه في حكم الشرع وصار تقدمه عليه مفوتاً للمكنة التي هي من شرط الوجوب.
وأما الزكاة فلا تشترط المكنة، في وجوبها، وأيضاً فإنه على الفور مثل الدين فلم يقدم عليه ولا يمانع ولا يضايق في وجوبها فالدين وجوبه بعقد المعاملة والزكاة وجوبها بنفس الملك وواحد منهما لا أثر له في صاحبه فاجتمع الواجب بهما اجتمع سبباهما والحج لا يجب بنفس الملك ما لم يوجد المكنة، وقد بينا أنها فاتت فسقط وجوبه.
وقد أجاب الأصحاب بوجوه، رأيت كلها ضعيفة.
وهذا الوجوب حسن يمكن تمشيته فاقتصرنا عليه.