الواجب أن الوجوب علم بالشرع، والشرع ورد بالمنصوص عليه فلا يجب بالنص إلا ما ورد به النص.
يدل عليه: أن الزكاة إن كانت عبادة فلا يجوز في العبادة إلا ما ورد به التعبد بدليل الصلاة وأفعالها، فإنه لا يقوم الركوع فيه مقام السجود ولا السجود مقام الركوع، وكذلك لا يقوم السجود على الخد والذقن مقام السجود على الجبهة، وكذلك في سائر العبادات ووجه التقريب بين مسألتنا وهذا الأصل أن الله تعالى إذا وضع عبادته على جارحة بفعل يوجد منها لم تقم جارحة أخرى مقامها، كذلك إذا وضع العبادة على المال وسماه بفعل يوجد منه لم يقم الفعل منه في مال آخر مقامه.
يدل عليه: أن أصل العبادة لا تجب بالتعليل ولا تقبله فكذلك كيفيتها، وإن قلنا: إن الزكاة حق الفقراء، فالحق الواجب للآدمي في عين لا يقوم غيرها مقامها إلا بسبب شرعي من معاقدة ومعاوضة وغير ذلك.
يدل عليه: أن سبب وجوب الحق إذا اتصل بمحل يتعلق الوجوب بصورته ومعناه مثل ما لو أسلم في شيء واشترى شيئاً، وكذلك إذا أوصى الإنسان بشارة أو أوصى بشاة من أربعين من الغنم أو ببعير من خمس وعشرين من الإبل للفقراء تعلق حقهم بعين ذلك، كذلك ههنا.
قالوا: الزكاة واجبة للإغناء أو لدفع الحاجة، لأنها وجبت على الغنى للمحتاج فيكون بعلة الإناء ودفع الحاجة، وقد قال صلى الله عليه وسلم في صدقة الفطر: ((أغنوهم عن المسألة في هذ اليوم)).