ثم قال أبو حنيفة: فإن كان به أثر فإن كان قد خرج الدم من عينيه أو أذنيه لم يغسل، وإن خرج من أنفه ذكره أو دبره يغسل وهذا غلط؛ لأن الظاهر أنه مقتول بسبب الحرب فأشبه إذا كان به أثر.
فَرْعٌ آخرُ
لو أسر المشركون رجلاً وقتلوه بأيديهم صبراً ففي غسله والصلاة عليه وجهان:
أحدهما: يغسل ويصلى عليه، لأن خروج روحه لم تكن في المعترك.
والثاني: لا يغسل ولا يصلى عليه لأنه قتل ظلماً بيد المشرك الحربي ذكره في "الحاوي".
فرع
لو كان الشهيد جنباً قال أكثر أصحابنا: لا يغسل ولا يصلى عليه وهو ظاهر المذهب، وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد.
وقال ابن سريج: يغسل ولا يصلى عليه وبه قال ابن أبي هريرة وأحمد وهذا غلط لظاهر الخبر الوارد فيه، ولأنه غسل ينوب عند التيمم فيسقط بالشهادة كغسل الميت.
وقال أبو حنيفة: يغسل ويصلى عليه، واحتج بما روي أن حنظلة الراهب قتل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهله 317 أ/3 "ما شأن حنظلة، فإني رأيت الملائكة تغسله فقالوا: إنه جامع ثم سمع هنة فخرج إلى القتال". ولأنه غسل واجب فلا يسقط بالموت كغسل النجاسة قلنا: لا حجة في الخبر، لأنه لو كان واجباً لم يسقط بغسل الملائكة، وأما إزالة النجاسة فيه وجهان: ولئن سلمنا فلأنه ليس من جنس الغسل، وغسل الجنابة يشبه بغسل الميت، فإذا سقط غسل الميت سقط الغسل الأخير، ولأن النجاسة ليست من آثار العبادة وهذا هو المذهب والوجه الآخر أنها تراد للصلاة وسقطت بالشهادة.
فرع
قال والدي رحمه الله: ولو قتلت الحائض قبل انقطاع الدم، فإن قلنا: إن الجنب يغسل ففي الحائض وجهان مبنيان على أن الغسل يتعلق برؤية الدم أو بانقطاعه فيه وجهان، والأصح أنه يتعلق بوجوده ويتأخر أداؤه.
فَرْعٌ آخرُ
لو خرج في المعترك وعاش حتى انقطعت الحرب، ثم مات غسل وصلي عليه كغيره من الموتى أكل أو شرب، أو لم يأكل، ولم يشرب، أوصى أو لم يوص، وبه قال أحمد.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان سواء طعم وتكلم أو لم يطعم ولم يتكلم،