رضي الله عنها - قالت؛ ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا يكرهون استقبال القبلةً بفروجهم فقال: "أوقد فعلوها استقبلوا بمقعدتي في القبلةً". ولأن في الصحارى معنيين: أحدها: احترام القبلةً. والثاني: أنه قال ما يخلو عن مصل من جني آو ملك أو إنس فيقع المصلي على عورته ولا يوجد كلا المعنيين معًا في البنيان.
وروي عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان على بعير" في صحراء فزل وأبرك بعيره بين يديه وأرسل ذيله من ورائه وقعد يبول مستقبلًا القبلةً فقيل له: أليس قد نهي عن ذلك فقال ذلك إذا لم يكن بينك وبين القبلة ساتر. واحتجوا بما روى أبو أيوب الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أتيتم الغائط فلا تتقبلوا القبلةً لغائط ولا بول ولكن شرقوا أر غربوا" فقدمنا الشام فوجدنا مرا حيض قد بنيت قبل القبلةً فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله - عز وجل - قلنا: نحمل الخبر على الصحراء.
وقول أبي أيوب يعارضه قول ابن عمر - رضي الله عنهما - فإن قيل فما تأويل ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن استقبال القبلتين 58 ب/ قلنا: له تأويلان أحدها: أنه نهى عن استقبال بيت المقدس حين كان قبلتهم ثم نهى عن استقبال الكعبةً لما صارت قبلةً فجمع الراوي ما فرقه النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقتين.
والثاني: أراد بالمدينةً نهى عن استقبال الكعبةً واستقبال بيت المقدس؛ لأنه يصير مستدبر الكعبةً ولا يجوز استقبالها ولا استدبارها وسمى بيت المقدس قبلةً؛ لأنها كانت قبلةً
على عادةَ العرب في استصحاب الاسم بعد زوال المعنى، ولهذا فإنهم يسمون البالغ يتيمًا.
فرع
قال أصحابنا: استقبال ست المقدس واستدباره للغائط يكره لأنه كان قبلة ولا يحرم النسخ.
فرع أخر
قال أصحابنا إذا جلس في الصحراء للغائط إلي ما يستره من جبل أو دابةً أو دار هل يغلب حكم الصحراء في المنع أو يغلب حكم السترةً في الجواز؟ وجهان:
احدهم: يغلب الستر لوجود الاستتار. وقد قال ابن عمر - رضي الله عنه -
والثاني: يغلب حكم المكان؛ لأن القضاء فيه أغلب، وعلى هذا لو كان من مصرين خراب قد صار قضاء كالصحراء وجهان: أحدها: يعتبر صفة المكان. والثاني: بقيةَ حكم المكان.