وأما لفظ التعزية: قال: إذا عزى مسلم مسلماً قال له: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك وخلف عليك، يعني صار لك خليفة عنه. وإن عزي مسلماً بنصراني قال: أعظم الله أجرم وأحسن عزالك وأخلف عليك، وإن عزي نصرانياً بنصراني قال: أخلف الله عليك ولا نقص عددك، وينوي كثرة عدده لتكثر الجزية، وإن عزي نصرانياً بمسلم قال: غفر الله لميتك وأحسن عزاءك وأخلف عليك بالخير، أو جبر مصيبتك فخرج من هذا أربع مسائل:
إحداها: أن يكون الميت والمعزي مسلمين فيدعو للمعزى بالأجر وللميت بالمغفرة.
والثانية: أن يكونا كافرين فلا يجوز 353 ب/3 أن يدعو للمعزى بالأجر ولا للميت بالمغفرة؛ لأنه لا يجو زالدعاء للكافر بالمغفرة. قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} التوبة: 113 الآية.
والثالثة: أن يكون المعزي مسلماً والميت كافراً فيدعو له بالأجر والإخلاف عليه، ولا يدهو للميت.
والرابعة: على عكس هذا، فيدعو للميت بالمغفرة وللمعزى بجبر المصيبة والإخلاف عليه. قلت: ويستحب إذا كان الميت طفلًا أن يقول عند التعزية: وجعله فرطاً لك. وروى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة"، فقالت عائشة رضي الله عنها: فمن كان له فرط من أمتك؟ قال: "ومن كان له فرط يا موفقة" قالت: فمن لم يكن له فرط من أمتك قال: "فأنا فرط أمتي لم يصابوا بمثلي" وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لايموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم".
مسألة: قال: وأحب لقرابة الميت وجيرانه أن يعملوا لأهل الميت في يومهم وليلتهم طعاما.
الفصل
وهذا كما قال. أراد أن يتخذ في 354 أ/3 الوقت الذي مات فيه ميتهم طعاماً لتبعهم فإنه سنة، وهو فعل أهل الخير، وأراد بالسنة ما روي في قصة عروة في موته، لما قتل جعفر بن أبي طالب، وبلغ النعي أهل جعفر، دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهله فقال: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد نزل بهم ما يشغلهم" يعني عن الطعام. قال: وهو من فعل الخير. وهذا لأنه من باب الجود والإفضال والإعانة على نوائب الحق، فإن أهل الميت لا يتفرغون لاتخاذ الطعام لأنفسهم في الغالب، ويعيرون لو اشتغلوا به