أحدهما: يوجب الغسل وهو المني والحيض والولد فلا يعتبر منه الاستنجاء لأن عليه غسل جميع البدن.
والثاني: يوجب الوضوء وهو علي ضربين معتاد ونادر، فإن كان معتادًا فعز ضربين ريح وغير ريح، فإن كان ريحًا فلا استنجاء عليه به، وإن كان عينًا كالغائط والبول فيجب الاستنجاء منه ويجوز فيه الأحجار على ما ذكرنا، وإن كان نادرًا فعلى ضربين رطب ويابس،
فالرطب هو الدم والقيح والصديد يحب الاستنجاء منه قولًا واحدًا، وهل يجوز الاقتصار فيه على الأحجار؟ قولان: أحدها: لا يجوز إلا الماء نص عليه في "الأم" وقوله ها هنا: أو خرج من ذكره أو دبره شيء أي ما هو معتاد، وهذا لأنه نادر لا يتكرر فلا يبق عليه استعمال الماء فيه.
والثاني: يجوز فيه الاقتصار على الأحجار نص عليه في حرملةً؛ لأنه نجس خارج من محل الحدث فأشبه المعتاد والأول أظهر.
وإن كان يابسًا كالحصاةً والنواةً والدود نظر فإن كان عليه رطوبةً 88 أ/ يلزمه الاستنجاء قولًا واحدًا. لم تكن رطوبةً فهل يجب الاستنجاء؟ قولان: أحدها: لا يجب، وهو اختيار المزني لأنه كالريح.
والثاني: يجب؛ لأنه لا يعري عن الرطوبة، وإن لم يشاهد كالبعرةً اليابسةً، وقيل في البعرةً اليابسةً التي لا بلل فيها حكمها حكم الحصاةً أيضًا، فإذا أوجبنا الاستنجاء هل تجزئ الأحجار؟ على ما ذكرنا من القولين.
وقال القفال: إذا أوجبنا الاستنجاء ها هنا تجزئ الأحجار قولًا واحدًا؛ لأن النجاسة التي يتوهمها معتادةً وهذا عندي على ما قال - رحمه الله.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: القولان بناء على أن الاعتبار بالخارج أو المخرج. فإن اعتبرنا الخارج لا تجزئ الأحجار، وإن اعتبرنا المخرج تجزئ الأحجار، ومن أصحابنا من قال: هذا إذا خرج المعتاد متلوثًا بغير المعتاد. فآما إذا خرج غير المعتاد خالصًا فلا تجزئ الأحجار قولًا واحدًا، والصحيح أن لا فرق. فإذا تقرر هذا يحرز الاستنجاء بالأحجار وبما في معنى الأحجار من الآجر والخشب والخرقة، وإن ورد النص الظاهر بالأحجار. وقال داود: لا يجوز الاستنجاء بغير الأحجار. وحكي ذلك عن زفر وهو رواية عن أحمد، وهذا غلط لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الروث والرمةً؛ لأن تخصيصها 88 ب/ بالنهي تنبيه على جوازه بغير ما - وروى الدارقطني بإسناده عن طاووس عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قضى أحدكم حاجته فليستنج بثلاثةً أحجار، أو ثلاثةَ أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب"، أو يقول: غير الأحجار في معناها فقسنا عليها. وإنما ذكر الأحجار في الخبر المشهور؛ لأنها أكثر وجودًا.