وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما نقص مال من صدقة" (1) , وقال الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ الله وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ} الروم: 39 , فالشرع وافق مقتضى اللغة. واختلف أصحابنا في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ} النور: 56 ونحوه من الآيات, هل هي مجملة أو عامة على وجهين. . . . (2) كقوله تعالى: {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} المائدة: 38 فيكون حجة في كل مختلف إلا ما أخرجه الدليل. والثاني: هي مجملة, وهو للمذهب, كقوله تعالى: {. . . .} (3) لأنه. . . . (4) إلى. . . . (5). . . . (6) المراد به بخلاف آية السرقة, فعلى هذا الزكاة المفروضة زكاتان: زكاة الأموال, وزكاة الأبدان. فأما زكاة الأبدان فهي زكاة الفطر ويجيء بيانها إن شاء الله تعالى, وأما زكاة الأموال فهي تجب في عين الأموال وأكثرها نماء وأعظمها منفعة, وهي ثلاثة أجناس الماشية والزرع. . . . (7). . . . . . . (8) ومنها الأجل 2 ب/ 4. . . . . (9) وفي الزرع والثمار, يجب في أعظمها منفعة, وهي: القوت, وفي الجواهر في النقدين: الذهب والفضة, ولا يجب فيما عداهما إلا بالتجارة, وهذا لأن الله تعالى أوجبها على طريق المساواة, وهذا اعتبر فيه النصاب والحول.
ثم اعلم أن الناس في الزكاة على ثلاثة أضرب: ضرب يعتقد وجوبها ويؤديها, فهو المشكور والمدعو له على ذلك. قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِم بِهَا وصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} التوبة: 103 أي: ادع لهم.
وضرب يعتقد وجوبها ولا يؤديها, فهذا مسلم فاسق, فيطالبه الإمام بأدائها أو الأخذ من ماله كرهًا, فإن كان ربّ المال في منعه لا يقدر عليه كان للإمام قتاله, وعلى الرعية معاونته حتى يؤديها.
وضرب لا يعتقد وجوبها بعد استقرارها, فإن كان جاهلاً بالوجوب لقرب عهده بالإسلام, عرف حكمها, وعلم فرضها, ليعلم أنها من أركان الإسلام, وإن كان عالمًا بالوجوب فإن نشأ في دار الإسلام بين المسلمين, فقد كفر ويقتل لردته؛ لأنه خلاف إجماع الخاصة والعامة, وفيه تكذيب الله تعالى, وتكذيب رسوله صلى الله عليه وسلم, فإن قيل: أليس القوم الذين قاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه على منع الزكاة, لم يكفر, فكيف كفَّرتهم هؤلاء؟ 3 أ/ 4 قلنا: الزكاة في ذلك الوقت لم يستقر وجوبها؛ بل كانت عليها أدلة ظاهرة يمكن تأويلها, ثم استقر فرضها بالإجماع, فكفر من جحدها بعد ذلك, وهذا كما أن عمرو بن معد يكرب وقدامة بن مظعون اعتقدا أن الخمر مباحة, فكانا يقولان: ما قطع الله بتحريمها لأنه قال: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} المائدة: 91 ولم يقل: بلى, ولا نعم عند الاستفهام. وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ