صلى الله عليه وسلم: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" (1) , فإذا تقرر هذا, فهل الإمكان من شرائط الوجوب أو من شرائط الضمان؟ قولان.
وقال في "الأم" (2) و"القديم": ثم تجب بالنصاب والحول والإمكان, فيكون شرائط الوجوب ثلاثًا, وبإمكان الأداء يتعلق الوجوب والضمان معًا, وبه قال مالك, وهو ظاهر المختصر, ووجهه أنه لو هلك المال قبل الإمكان لم يضمن زكاته, فلا تكون الزكاة واجبة قبله.
وقال في "الإملاء": لا تجب الزكاة إلا بالنصاب والحول, والإمكان شرط في الضمان, وبه قال أبو حنيفة, وهو القياس, فعلى هذا الشرط الوجوب اثنان, ثم إذا وجبت فهي أمانة في يده حتى يمكنه الأداء, فإذا أمكنه الأداء ولم يؤدها ضمنها, كما لو تعدى في الوديعة, ووجه أنه لو كانت الزكاة غير واجبة لَمَا ضمنها بالإتلاف كما قبل الحول.
وقد قال الإمام أبو الطيب رحمه الله: هذا القول ضعيف لهذا السؤال, ويمكن أن يجاب عنه بأنه إذا لم يبق من شرائط الوجوب
.... (3) فأتلفه قصد منع حصول
.... (4) بفعله, فلم يعذر فيه, وأما قبل الحول فهي من شرائط الوجوب غير الإمكان, فلهذا لا يضمنها بهذا الإتلاف, ولا خلاف أن ابتداء الحول الثاني من يوم تمام الحول لا من يوم الإمكان.
مسألة: قال (5): وليسَ فيما دونَ خمسٍ 9 أ/ 4 منَ الإبِلِ, ولا فيما بينَ الفريضَتَينِ شيءٍ.
وهذا كما قال: أما فيما دون خمسٍ فلا زكاة بلا خلاف. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس ذود من الإبل دقة" (6)، وأما فيما بين الفريضتين, وهو الوقص, وقيل: الوقس - بالسين- والأول أشهر, فلا خلاف أنه لا يتعلق به زيادة واجب لا يجب في النصاب, ولكن الواجب في النصاب هل يقتصر عليه أم يتعلق به وبما زاد عليه؟ فيه قولان:
إحداهما: يتعلق بالنصاب وما زاد عفو, وهو المشهور من المذهب, ذكره في كتبه الجديدة والقديمة, وبه قال أبو حنيفة والمزني وابن سريج.
والثاني: قال في الإملاء والبويطي, وبه قال محمد: الفرض يتعلق بالكل, والمأخوذ مأخوذ عن الجميع