لعل الحياةَ ستطل بك فأخبر الناس أن من استنجى بعظم أو رجيع فهو بريء من محمد".
وقال أبو حنيفة: يجوز الاستنجاء بالعظم طاهرًا كله أو نجسًا من حيث الاستحباب.
وقال مالك: يجوز بالطاهر منه فقط. وقيل في معنى الرجيع السرقين سمي به لرجوعه عن الطهارةً إلى النجاسةً. وقيل للرجيع: الحجر الذي قد استنجى به مرةً فإنه إذا أراد أن يستنجي به ثانيًا رجع إليه.
وروي أن الجن قالت: يا رسول الله مر أمتك أن لا يستنجوا بالعظم والروث، فإن العظم زادنا والروث علف دوابنا. وقال أبو حنيفة: يجوز بالمأكول أيضًا كالماء المروب, وبه قال مالك، وهذا غلط لأنه نجاسةً سببها المأكول فلا تزال المأكول، وتفارق الماء؛ لأنه تدفع النجاسةً عن نفسه بخلاف هذا. وقيل: حد مما يجوز به الاستنجاء أن يكون جامدًا طاهرًا قالعًا للنجاسةً عن محترم ولا 90 أ/ 1 مخلف، وفيه احتراز عن التراب إذا لم يجوز به الاستنجاء في أحد القولين؛ لأنه يخلف على المحل جزءًا منه.
لو استنجي بيده، أو بعقبه، أو بذنب حيوان، أو عضو من أعضائه أو صوف على ظهره، قال بعض أصحابنا: يجوز لأنه جامد طاهر منقي غير مطعوم، وهذا هو اختيار أبي حامد وجماعةً. وقال بعضهم: لا يجوز وهو اختيار القاضي الطبري وجماعةً؛ لأنه إذا لم يجز بالطعام والعظم للنهي، وإن كان يحصل يهما الإنقاء، فلأن لا يجوز بما له حرمةً أولى، ولأن الرخصةً لا تتعلق بالمنهي. وقيل: إن استنجي بيد نفسه لا يجوز، وإن استنجي بيد غيره يجوز، كالسجود على يد نفسه لا يجوز، وعلى يد غيره يجوز، وهذا يحكى عن أبي حامد، ولا معنى لهذا الفرق، ولا لهذا القياس.
فرع أخر
لو استنجى بالذهب، أو الفضةَ، أو حجارةً الحرم من أصحابنا من قال لا يجوز كالمأكول للحرمةً. والثاني: يجوز لأن لماء زمزم حرمةٌ تمنع من الاستنجاء، ولو استنجى به فإنه يجوز بالإجماع.
فرع
الاستنجاء باللحم لا يجوز لأنه يؤكل بعد عمد، ولو استنجى بحيوان فيه وجهان، والصحيح جوازه لأنه غير مأكول، ويحرم أكله حيًا. بخلاف اللحم الني، وهذا إذا لم يكن فيه من النعومةً واللين ما يمنع الإزالة.