قال في"الأم": فيه قولان, إحداهما: يؤخذ من النوع الأكثر, والثاني: يؤخذ من كل نوع بقدر حصته, وقال في موضع آخر من"الأم" (1): إذا اختلفت غنم الرجل فكان منها أجناس بعضها أرفع من بعض أخذ من وسط أجناسها لا من أعلاها ولا من أسفلها, فحصل ثلاثة أقاويل: فإذا قلنا: يؤخذ من كل بقدر حصته وهو الصحيح لأن الوجوب يتعلق بكل واحد من الأنواع, فكان لكل نوع مدخل في أخذ الزكاة منه وأيضًا هذا يكون أعدل من الأكثر, والأوسط يقول: يقوم الفرض من كل نوع منها ثم يؤخذ من قيمته مقدار ما اجتمع منها من أي نوع كان وبيان ما ذكره الشافعي هاهنا فقال: كان إبله خمسًا وعشرية عشر مهرية وعشر أرحبية وخمس عيدية فتؤخذ بنت مخاض بقيمة خمس مهرية وخمس أرحبية وخمس عيدية, لأن كل عشر 46 أ/4 من خمس وعشرين خمساها والخمس خمسها فتكون قيمة المهرية عشرة وقيمة الأرحبية عشرة وقيمة العيدية خمسة عشر فيجمع بين خمسي قيمة المهرية وهو أربعة وخمسي الأرحبية وهو أربعة فذلك ثمانية وخمس عيدية وهو ثلثه فلذلك أحد عشر فنطالبه ببنت مخاض, إما من المهرية وإما من الأرحبية وإما من العيدية قيمتها أحد عشر درهمًا, وعلى هذا القياس أبدًا, فإذا قلنا: إنه يؤخذ من الأكثر بأي نوع كان أكثر منه فإن لم نجد في الأكثر السن الواجب كلفنا رب المال تحصيلها ولا تنخفض ولا ترتفع هكذا نص الشافعي, وأراد أنه لا يجوز أن يأخذ من النوع الأدنى مع الجيران أو من الأعلى مع دفع الجبران إليه, ولكن لو أخذ من السن الأكثر أو الأدنى مع الجبران فإنه يجوز بلا إشكال, وإن قلنا: يؤخذ من الوسط فإن لم يجد في الأوسط السن التي وجبت قال لرب المال: إن تطوعت بالأعلى منها أخذتها, وإن لم تتطوع كلفتك أن تأتي بمثل شاة وسط ولا تأخذ من الآخر فإن استوت الأعداد في المقدار يجيء فيه قولان ويسقط القول الثالث.
مسألة: قال (2): ولو أدَّى في أحدِ البَلَدَينِ عنْ أربعينَ شاةً مُتفرِّقةً كَرِهتُ ذلكَ.
الفصل
وهذا كما قال: 46 ب/4 إذا كانت له أربعون شاة عشرون منها في بلد آخر فأخرج منها شاة في أحد البلدين نص هنا أنه يجوز واختلف أصحابنا في هذا, فمنهم من قال: هذا على القول الذي نقول: يجوز نقل الصدقة من بلد إلى بلد, فأما على القول الآخر: فعليه أن يخرج نصف شاة في البلد الآخر, ومن أصحابنا من قال: يجوز هاهنا قولاً واحدًا, لأن على رب المال مشقة في إخراج نصف الشاة, فإنه يؤدي إلى اشتراك الأيدي في الشاة الواحدة وفيه ضرر عليه وعلى أهل السهمان وهذه الطريقة اختارها القفال رحمه الله, والصحيح الطريقة الأولى, لأنه قال: كرهت ذلك وأجزاه فدل على أنه أحد القولين, ولو كان قولاً واحدًا لم يقل كرهت, وقال القفال: إذا جوزنا اختلف أصحابنا في العلة فمنهم من قال: هي المشقة فعلى هذا لو كان له في بلد مائة