الفصل
وهذا هو كما قال: الكلام في الغنيمة في فصلين أحدهما: في القسمة، والثاني: في الملك.
فأما القسمة: فالمستحب للإمام أن يقسم الغنيمة حيث غنمها في دار الحرب كانت أو في دار الإسلام، إلا أن يكون له عذر مثل أن يخاف لحوق المشركين بهم إن اشتغل بقسمتها بينهم وانقطاع الميزة عنهم وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يقسمها في دار الحرب.
وأما الملك: فإذا حصلت أموال أهل الحرب في أيدي المسلمين نظر فإن كانت الحرب قائمة لم يملكوها ولا ملكوا أن يتملكوا، فلو قالوا: اخترنا التملك أو اقتسموها بينهم لم يملكوها، وإن انقضت الحرب وانصرف العدو فقد ملكوا أن يتملكوا كالشفيع لا يملك ولكن يملك أن يتملك، وإنما يملكوها بأحد أمرين:
أحدهما: أن يقولوا: اخترنا الملك، والثاني: أن يقسمها الإمام بينهم فيتعين لكل واحد نصيب منها.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: يملكون ملكًا ناقصًا وإن لم يختاروا التملك ولا اقتسموا لأنه لو وطئ جارية من الغنيمة لا يلزم الحد وهذا غلط، لأنه لا خلاف أن من ترك حقه من القسمة سق حقه ويرجع إلى الباقين 193 ب/ 4 ولا يحتاج إلى قبولهم والحد يسقط بشبهة الملك كما لو وطئ جارية ابنه لا يلزمه الحد، وإن لم يتملك فإذا ثبت حكم الملك بني عليه حكم الزكاة فكل موضع قلنا: ملكوا أو قلنا: ملكوا أن يملكوا فلا زكاة لأنهم لم يملكوا وكل موضع قلنا: ملكوا بالاختيار نظر فإن كانت الغنيمة أصنافًا فلا حول ولا زكاة سواء كانت ماشية زكاتية وأثمانًا زكاتية وغير زكاتية
... (1) ثم يقسم بينهم قسمة بحكم وهي أن يجعل الإبل لقوم والبقر لقوم والدراهم لقوم على حسب اختياره ورأيه، فإذا لم يتعين ملكه فلا زكاة عليه، وإن كانت الغنيمة صنفًا واحدًا من الذي تجب فيه الزكاة نظر فإن بلغ نصيب كل واحد منهم نصابًا دار في الحول لأنه استقر ملكه على نصيبه كما لو ورثوه.
وقال في "الحاوي" (2): هل تجب زكاتها والخمس باق؟ فيها وجهان أحدهما: وهو قول البصريين لا زكاة وهو بنص الشافعي أشبه، والثاني: وهو قول البغداديين وهو الأصح أنه تجب الزكاة لأن مشاركة أهل الخمس لا تمنع وجوب الزكاة عليهم كمشاركة المكاتب والذمي لا يمنع وجوب الزكاة على الحر المسلم 194 أ/ 4 وإن لم يبلغ نصيب كل واحد منهم نصابًا لم يضم ما لهم إلى الخمس لأنه لا زكاة على أهل الخمس في نصيبهم من هذا المال لأنهم غير معينين وينظر إلى ما بعد الخمس فإن كانت ماشية صحت الخلطة قولًا واحدًا، وإن لم يكن ماشية فقولان، فكل موضع قلنا: