كتمانه فإن كتمه كان الحق واجبًا عليه فيه حتى يخرجه وقصد به الرد على أبي حنيفة حيث قال: هو بالخيار إن شاء أظهره فيؤخذ منه الخمس وإن شاء كتمه إذا كان فقيرًا فلا يجب فيه شيء وهذا غلط، لأن بالكتمان لا يسقط الحق كسائر الحقوق، وأما المصرف المنصوص أن مصرفه مصرف الصدقات كحق المعدن سواء.
وقال المزني وابن الوكيل من أصحابنا وهو رواية عن أحمد مصرفه مصرف الفيء، وقال أبو إسحاق: يحتمل ما قال المزني يقبل فيه قولان، وقيل: قوله واحد، وقال أبو حنيفة: مصرفه مصرف الفيء وهذا غلط، لأنه حق يجب في مال لصاحب المال 212 أ/4 أن يتولى تفرقته بنفسه فلا يكون مصرفه مصرف الفيء لزكاة النقد.
فرع
إذا وجد ركازًا وحمله إلى الإمام يجب على الإمام أخذ الخمس منه ولا يجوز له تركه به، وقال أبو حنيفة: الإمام بالخيار إن شاء أخذه، وإن شاء تركه به وهذا غلط قياسًا على العشر.
فرع آخر
لو وجده المكاتب لا يؤخذ منه الحق لأنه يعتبر عندنا أن يكون الواجد من أهل الزكاة خلافًا لأبي حنيفة ولو أقطعه الإمام أرضًا فيها ركاز فهو لقطع الأرض سواء كان هو الواجد أو غيره لأنه يملك الأرض بالإقطاع كما يملكها بالابتياع.
باب ما يقول المصدق إذا أخذ الصدقة لمن يأخذها منهقال: قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِم بِهَا وصَلِّ عَلَيْهِمْ} التوبة: 103، وهذا كما قال: المستحب للساعي بقاء أخذ الزكاة من رب المال أن يدعو له لهذه الآية وفسر الشافعي (1) قوله تعالى: {وصَلِّ عَلَيْهِمْ} فقال: أراد به الدعاء لهم عند أخذ الصدقة منهم، وهذا وإن كان خطابًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسائر الولاة له تبع فيه وهذا كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم 212 ب/4 قال: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرًا فليأكل وإن كان صائمًا فليصل" (2)، أي: فليدع لهم بالبركة، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لآل أبي أوفي حين أتاه بالصدقة فقال: "اللهم صل على آل أبي أوفي" (3)، ولأنه إذا فعل يكون تطييبًا لقلبه وترغيبًا له ولغيره في مثله.
وقال أصحابنا: لو قال: اللهم صل عليهم لم يكن به بأس لأنه ظاهر الكتاب ونص السنة، وقال أهل التفسير: الصلاة من الله تعالى هي الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن المؤمنين الدعاء.
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: الصلاة التي هي بمعنى الدعاء والتبريك يجوز