وروى "لمن لم ينو" وروي "لمن لم يعزم"، وروي "لمن لم يفرض"، وروي "لمن لم يجمع", وروي "لمن لم يبيت"، وروي "لمن لم يورض"" أورده الدار قطنى رحمه الله, والتوريض هو التمهيد, وروي "لا صيام لمن يورضه قبل الفجر" أي: لم يهيئه, يقال أرضت المكان إذا سويته وهيأته, وروت ميمونة بنت سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أجمع الصوم من الليل فليصم ومن أصبح ولم يجمعه فلا يصم" (1) ولأنه عبادة لا تصح بعض أنواعه بغير نية فلا يصح شئ منه بغير نية كالصلاة والزكاة, وأما رد المغصوب فمن باب المعاملات لأن باب العبادات بخلاف هذا فافترقا فإذا تقرر هذا فالكلام في وقت النية فالفرض لا يصح إلا بالنية من الليل سواء كان صوم 258 ب/4 رمضان أو قضاء غير رمضان أو صوم نذر أو صوم كفارة, ويه قال مالك وأحمد, وقال أبو حنيفة: صوم رمضان يجوز بالنية قبل الزوال واحتج بأن هذا يدل عن صوم عاشوراء وصوم عاشوراء جاز بالنية قبل الزوال لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أهل العوالى يوم عاشوراء, وقال: "من أكل منكم فليمسك بقية نهاره ومن لم يأكل فليصم" (2)، وهذا غلط لما ذكرنا من الأخبار, ولا نسلم أنه بدل عن صوم عاشوراء ولم يكن صوم عاشوراء واجباً قط في قول بعض أصحابنا بدليل أنه قال: "من أكل فليمسك" ولم يأمر بالقضاء ومن أصحابنا من قال: كان واجباً ولكنه وجب في بعض النهار فوجبت النية من ذلك الوقت بخلاف صوم رمضان فإذا تقرر هذا تجب النية لكل يوم ولا تجزيه أن ينوى في أول ليلة رمضان لجميع صوم رمضان, وقال مالك: يجوز ذلك, وروى ذلك عن أحمد واحتجا بأن صوم كل شهر رمضان هو كعبادة واحدة لأن له حرمة واحدة كل يوم هو ركن منها 259 أ/4 وهذا غلط, لأنه صوم يوم مفروض فيفتقر إلى النية من ليلته كاليوم الأول وقولهم إنه كعبادة واحدة غلط, لأن إفساد بعضه لا يفسد الباقي وقد يلزم بعضه دون بعض إذا أسلم الكافر في أثناء شهر رمضان وبلغ الصبي, وأما كيفية النية عندنا صوم الفرض يفتقر إلى تعيين النية ويه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يفتقر صوم رمضان إلى التعيين ولو نوى صوماً مطلقاً يجوز عن صوم رمضان ولو نوى صوم التطوع يقع عن رمضان, وإن نوى صوم القضاء أو صوم ألمذر أو صوم الكفارة وقع ما نوى ويلزمه قضاء رمضان وقال أبو يوسف ومحمد: حكم المسافر حكم المقين ولو نوى النفل في السفر فعن أبى حنيفة روايتان فإذا تقرر هذا فكيفية التعيين قال أبو إسحاق: ينوى أن يصوم غداً عن رمضان صوم الفرض وقيل: هل يلوم أن يقول لله تعالى وجهان, وقال ابن أبى هريرة: لا يحتاج إلى نية الفرض وهذا هو المذهب، لأن صوم رمضان ممن عليه الفرض لا يكون إلا فرضاً 259 ب/4