قلنا: الصوم من وقت النية فيه وجهان: أحدهما: يجوز لأنه لم يوجد عند الشروع في العبادة ولا بعدها ما يضادها, والثاني: لا يجوز لأنه يشترط خلو أول النهار عما بضاده.
مسألة: قال (1): وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمُ رمضانَ حَتّى يَسْتَيْقِنَ أَنّ الهلالَ قَدْ كَانَ.
الفصل
وهذا هو كما قال: صوم شهر رمضان لا يجب عندنا إلا بأحد شرطين: إما برؤية الهلال, وإما يعد شعبان ثلاثين يوماً, وقيل: إن المزني أخذ ينقله عبارة الاستيقان والشافعي لم يقل ذلك بل قال: حتى يعلك وهذه العبارة هي أصح لأن اليقين هو عبارة عن القطع والتحقيق, وذلك ليس يشرط فيه وجوب الصوم إذ لا يحصل ذلك إلا برؤية كل أحد والعلم يقع ظاهراً وإن لم يكن مقطوعا به ويجب به الصوم 264 ب/4 ويمكن أن تؤول هذه الكلمة بأنه أراد به يقين الشاهد الذي يخبر عنه ولم يُرد في حق كل أحد, وقال بعض العلماء: يجب بهذين الشرطين ويجب بشرط أخر وهو أن يكون عارفا بالنجوم أ, يشهد شاهدان من أهل المعرفة بالنجوم أن الشهر قد دخل, وعندنا أنه لا يقبل قول المنجمين في ذلك بحال, وإن أكثروا والدليل عليه ما احتج الشافعي فقال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فان غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" (2): "لا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة", وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقته فيما يقول فقد كفر بما انزل على محمد" (3)، فإن احتجوا بقوله تعالى: {وعَلامَاتٍ وبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} النحل: 16 قلنا: أراد بالاهتداء بالنجم معرفة الطرق والمسالك والبلدان لا ما قلتم وحكي عن بعض الشيعة أنه قال: يعتبر العدد في شهر رمضان ولا يعتبر الهلال وهو غلط ظاهر.
مسألة: قال (4): وَقَدْ كَانَ ابنُ عُمَرَ يَتَقَدَّمُ الصيامَ 265 أ/4 بيوم.
الفصل
وهذا كما قال: صوم يوم الشك مكروه سواء صامه عن رمضان أو عن غيره من فرض أو تطوع إلا أن يوافق يوماً جرت العادة منه بصومه فلا يكره ويه قال عمر وعلى وعمارة بن ياسر رضي الله عنهم, والعبى والنخع ومالك والأوزاعى, وروى عن ابن عائشة وأسماء رضي الله عنه أنه إذا كان صحواً يكره, وان كان غيماً لا يكره عن رمضان, ويه قال أحمد وقال الحسن وابن سيرين: الناس في صومهم تبع لإمامهم فإن صامه الإمام