والثاني: يثاب عليه وهو الصحيح لأنه لو تركه استحق العقاب وهو مطيع بإتيانه فإذا أتى به يثاب عليه، وإن لم يكن ثواب الصوم وقال أبو حامد: قال أبو إسحاق: يكون صائمًا صومًا شرعيًا لأنه لا يجوز في شهر رمضان أن يصوم غير رمضان وهذا أصح، ولأنه لا يجوز أن يقع نقلًا في رمضان ونحن نوجبه عليه فهذه العبارة خطأ فينبغي أن يعتبر بما ذكرنا.
مسألة: قال: (1): وَإِنْ نَوَى أَنْ يَصُومَ غَدًا فَإِنْ كَانَ أَوَّلَ الشهرِ فَهْوَ فَرْضٌ وَإِلاَّ فَهْوَ تَطَوُّعٌ.
الفصل 282 أ/4
وهذا كما قال: إذا كان في ليلة الثلاثين من شعبان ولم يثبت رؤية هلال رمضان فنوى أن يصوم غدًا من رمضان إن كان من رمضان وإن لم يكن من رمضان فهو تطوع فكان من رمضان لا يجوز لأن الأصل بقاء شعبان ودخول رمضان مشكوك فيه فلا يصح الدخول في العبادة بالشك، وإن كان ذلك في آخر رمضان فإنه يجزيه أن يقول أصوم غدًا من رمضان إن كان من رمضان فإن لم يكن من رمضان فأفطر لأن الأصل بقاء رمضان ودخول شوال مشكوك فيه واليقين لا يزول بالشك.
وقال أبو حنيفة والمزني: يجوز في المسألة الأولى أيضًا قياسًا على المسألة الثانية، وعند أبي حنيفة يجوز صوم رمضان بمطلق النية ولو نوى أن يصوم غدًا من رمضان أو نافلة لم يجز سواء كان في أول رمضان أو في آخره لأنه لم يقطع النية بأحدهما، وإنما يترك بين النفل والفرض فلم يجز.
وقال بعض أصحابنا: نظير هذه المسألة في صلاة الجمعة إذا قال: إن كان الوقت باقيًا فهي جمعة أو نافلة لم يجز، وإن بان بقاء الوقت لأنه شرك بين جمعة ونافلة، ولو قال: إن كان الوقت باقيًا فهي جمعة 282 ب/4 وإن كان خارجًا فهي نافلة فبان أنه لم يكن خرج الوقت كانت جمعة لأنه بني على أصل ولم يشرك وفي هذا نظر لأن من شك في وقت الجمعة هل خرج أم لا لا يجوز له أن يحرم بالجمعة على الصحيح من المذهب لأنه لم يتيقن وجود شرط جواز الجمعة ولابد من اليقين في ذلك.
فرع
لو نوى في غير رمضان فقال: أصوم غدًا عن قضاء رمضان أو نافلة فإنها تنعقد نافلة وبه قال محمد، وقال أبو يوسف: تنعقد قضاء لأن التطوع لا يفتقر إلى التعيين فكأن نوى القضاء وصومًا مطلقًا وهذا غلط، لأن زمان القضاء يصلح للتطوع، فإذا سقطت نية الفرض بالشك بقيت نية الصوم فوقع تطوعًا، وما قاله لا يصح لأن التطوع ينافي الفرض ونية الصوم لا تنافي الفرض، فإذا نواه نافي به الفرض في يوم شك.