ولهذا أنه لو نذر المسافر أن يقصر الصلاة أو يتمها لم يتغير الحكم بهذا النذر لأن الإيجاب الشرعي إذا لم يوجب أحد هذين على التعيين لم يصح التعيين فيه بجهة النذر. وقال الشيخ الإمام أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله ويحتمل عندي
..... (1) أدخل المسافر في الصوم أن يفطر بعده لأنه دخل في فرض المقيم كما لو دخل في الصلاة بنية الإتمام ثم أراد القصر لا يجوز ولم يقله غيره.
مسألة: قال (2) وليس لأحد أن يصوم في شهر رمضان نذرًا
الفضل
وهذا كما قال 309 أ/4 وفي نسخة دينا أراد بقوله دينًا صومًا كان عليه دينًا عن كفارة أو نذرًا وغيرهما ثم قال ولا قضاء لغيره وأراد قضاء رمضان غيره.
وجملته: أن عندنا لا يجوز للمسافر أن يصوم عن غير رمضان بحال لأن زمان رمضان هو مستحق لصوم رمضان وحده فلو نوى المسافر صومًا آخر لا ينعقد له ذلك الصوم ولا صوم رمضان. وقال أبو حنيفة: له أن يصوم عن النذر والقضاء والكفارة وعن التطوع روايتان، وخالفه أبو يوسف ومحمد وقالا ت يقع عن رمضان وهذا غلط لأنه يجوز له الإفطار للعذر فلا يجوز له أن يصوم عن غيره كالمريض والشيخ الهرم.
مسألة: قال (3): وإن قدم رجل من سفره نهارًا مفطرًا كان له أن يأكل حيث لا يراه أحد.
وهذا كما قال الأصل في هذا الباب هو أن كل من لم يلزمه صوم أول النهار ظاهرًا وباطنًا لا يلزمه إمساك باقي النهار، فإذا قدم المسافر في نهار رمضان بلده أو بلدًا يريد المقام فيه غير بلده فإن كان مفطرًا أو تاركًا للنية يستحب له أن يمسك باقي النهار ولا يلزمه ذلك وهكذا المريض 309 ب/4 إذا بدأ في أثناء النهار والحائض والنفساء إذا طهرتا في أثنائه، والصبي يبلغ، والمجنون يفيق، والكافر يسلم. وقال بعض أصحابنا بخراسان: الصحيح في الحائض أنه لا يلزمها التشبه لأن عذرها أعظم. ونص في "حرملة" أن الكافر إذا أسلم كان الكفر بمنزلة الأعذار. وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم "يجب ما قبله". وبه قال مالك وأبو ثور وداود وأحمد في إحدى الروايتين، وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي: لا يجوز لهم أن يأكلوا في بقية النهار وهذا غلط لأنه أبيح له الإفطار ظاهرًا وباطنًا فإذا أفطر كانت له استدامته إلى آخر النهار كما لو داوم عذره. ومن أصحابنا من قال: يجب الإمساك على الصبي والمجنون إذا بلغ وأفاق وكذلك على الكافر إذا أسلم لأنه لا يجب القضاء عليهم، ولأن الكافر كان مخاطبًا بالصيام مفرطًا بتركه. وقال القفال: هل يلزم قضاء ذلك اليوم على هؤلاء وجهان:
فإن قلنا يلزمهم القضاء لا يلزمهم التشبه.