الصوم لأنه التزم العبادة على صفة فلا يجوز إلا بتلك الصفة إلا أنه لا يعتبر أن يكون الصوم للاعتكاف حتى لو اعتكف في رمضان يجوز الوجهان, إذا قال: على أن أعتكف صائمًا ذكره بعض أصحابنا.
فرع آخر
إذا نذر أن يعتكف جميع عمره ينعقد فإن فك في بعض الأيام فالحكم في القضاء هو كالحكم فيمن نذر أن يصوم الدهر ثم أفطر, ولو مات وفي ذمته قضاء الاعتكاف لم يلزمه إخراج البدل كما في الصلاة سواء.
مسألة: قَالَ (1) المُزَني: وَقَال فِي بَابِ مَا جمعتُ لَهُ مِن كِتَابِ الصيَامِ وَالسُنَنِ والآثارِ: لاَ يُبَاشر المعتَكِفُ.
الفصل
وهذا كما قال: كأن المزني جمع مشكلات كانت له في هذه المواضع فكان يقرأها على الشافعي ويستكشفه فحكي أن الشافعي قال في قراءته 379 ب/ 4 ذلك عليه هذه المسألة وظاهرة يقتضي أن كل مباشرة بشهوة تفسد الاعتكاف إلا ما يوجب الحد من الوطء يعني الجماع الذي لو كان حرامًا يوجب الحد.
وجملته: أن المباشرة هي على ثلاثة أضرب: مباشرة لا تبطل الاعتكاف وتجوز وهي ما كان بغير شهوة مثل أن يقبل زوجته إكرامًا لها, أو ناولها شيئًا فوقعت يده على يدها ونحو ذلك وهذا لما روي أن عائشة رضي الله عنها كانت "ترجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في اعتكافه" ولا شك أنه تصيب يدها رأسه.
والثاني: مباشرة تبطله قولاً واحدًا وهي الوطء في الفرج عمدًا قال الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} البقرة: 187 ولأنه عبادة بدنية فيفسدها الوطء كالصوم.
والثالث: مباشرة اختلف قول الشافعي فيها وهي اللمس بشهوة والوطء دون الفرج فيها قولان احدهما: وهو المشهور لا تبطله أنزل أو لم ينزل لأنه عبادة تختص بمكان فلم يفسد بالوطء دون الفرج كالحج, ولأنه لابد من مزية الوطء فلو أبطلنا بها لا يبقى للوطء مزية, والثاني: يبطله أنزل أو لم ينزل نص عليه في "الإملاء" وبه قال مالك لأنها 380 أ/ 4 مباشرة محرمة على المعتكف فتبطله كالوطء في الفرج وهذا هو اختيار كثير من أصحابنا, وقال بعض أصحابنا بخراسان في تحريمها: قولان أيضًا وهو غلط ظاهر, وقال بعض أصحابنا: القولان إذا لم ينزل فإن فقول واحد أنه يبطل, وقيل: قول واحد لا يبطل بغير الوطء وهو اختيار المزني.
وقول الشافعي "لا يباشر", أي لا يجامع وهو المراد بالآية أيضًا, وهذا كله غير