فَرْعٌ آخرُ
لو بذل له المال دون الفعل وجهان:
أحدهما: يلزمه قبوله لأنه قادرٌ على تحصيل الحجّ بالغير فأشبه بذل الطاعة.
والثاني: لا يلزمه قبوله، وهو الأصحّ والمذهب لأنه تملك مالًا لوجوب الحجّ، فلا يحبُ 12/أ كالاستقراض والإيهاب، ولأنه يعظم المنة في ذلك، ولا فرق على الوجهين بين أن يكون المبذول له معصوبًا بذل له المال ليأمر من يحجّ عنه وبين أن يكون صحيحًا فقيرًا بذل له المال ليحجّ، بنفسه عن نفسهِ، وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن كان الباذل للمال أجنبيًا لا يلزمه وجهًا واحدًا، وإن كان ابنًا، فوجهان لقوله (صلي الله عليه وسلم):" أنتَ ومالك لأبيك" (1)، وقوله (صلي الله عليه وسلم): أطيب ما يأكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" (2).
فًرْعٌ آخرُ
لو كان الولد معسرًا فبذل الطّاعة لأبيه هل يلزمه الحج؟ فيه وجهان:
أحدهما: يلزمه بخلاف ما لو كان صحيحًا معسرًا لا يلزمه في نفسه لأنه لم يرض بالمخاطرة والتغرير بنفسهِ، وقد طاب نفس الابن بهذه المخاطرة، ولا ضررَ على الأب أن يأمره.
والثاني: لا يلزمه لأنه لا يلزمه في نفسهِ لفقره، فلا يلزمه على أبيه لسببه، وهذا
أقيس عندي.
فَرْعٌ آخرُ
لو حجّ المطيع عنه بغير أمره لم يجز، وكان عن نفسه، وحكي عن القاضي أبي حامد أنه يجوز كما عن الميت والصحيح ما ذكرنا، ولو امتنع من الأمر به هل يقوم الحاكم مقامه في الأمر بهِ؟ وجهان:
أحدهما: يقوم مقامه كما في الزكاة والدين، قال: بعض أصحابنا بخراسان: وهذا هو الصحيح لأن الحجّ، وإن كان على التراخي إذا كان صحيح البدن، فعند الرمانة يضيق وقته ولا يجوز له التأخير.
والثاني: لا يقوم مقامه، وهو المذهب، والصحيح عند أصحابنا بالعراق، لأن الحجّ يفتقر إلى النية والإذن ممن عليه، ولا يوجد 12/ب ههنا. ولا إشكال أنه أثم ويعصي إذا لم يأمره بهِ حَتي مات، كما لو قدر أن يحجّ، فمات قبل الأداء مع الإمكان.
فَرْعٌ آخرُ
متى يلزم الباذل الحج ببذله؟ ينظر، فإن كان قد أحرم عنه وجب عليه المضي فيه لأن الإحرام يلزم بالشروع فيه، فإن كان قبل الإحرام عنه، قال جمهور أصحابنا: