البدن فمن شرطها أن يقع قربه، ولا يحصل ههنا، لأن المرتد ليس من أهل القرية، والحج يقع عنه والزكاة حق المال قد يستوفي على طريق الغرامة كما يستوفي قربة.
فرع آخر
قال: إذا بذل الطاعة لوالده، وقلنا: ليس له الرجوع، فلو بذل الوالد الطاعة لوالده يجب الحج على الابن في أصح الوجهين، وهل للأب الرجوع؟ وجهان:
أحدهما: لا يرجع كالابن فيما ذكرناه.
والثاني: له الرجوع كما يرجع في الهبة بعد إبرامها بالقبض بخلاق الابن. ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأن للأب حقاً في مال الابن بالنفقة والإعفاف أو الولاية، فصح إثبات الرجوع له في الهبة على الاختصاص، ولا دخل للأب في حج الابن، فلا رجوع له كما يرجع الابن.
مسألة: قال (1): وكذلك لو أحرم تطوعاً وعليه حج.
الفضل
من عليه فرض الحج إذا أحرم به ينوي تطوعاً يقع عن فرضه، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: يقع تطوعاً، وهذا غلط لأنه لو أطلق الإحرام يقع عن فرضه في رواية الأصول، فكذلك إذا قيد بالنفل لأن إطلاق النية كالمقيد في هذا الباب ألا ترى أنه لو أطلق الإحرام بالصلاة، وعليه فرضها يقع عن النفل كما لو قيد بالنفل؟ وكذلك لا يجوز أن يتطوع بالعمرة، وعليه فرضها، فإن أحرم بها بنية التطوع 26/ب وقع عن الفرض.
باب تأخير الحجمسألة: قال (2): أنزلت فريضة الحج.
الفضل
وقت الحج عندنا موسع وهو ما بين أن يحيا إلى أن يموت، فإن حج بنفسه فقد أدى الفرض في وقته، وإن مات قبل أن يحج، وكان مستطيعاً للحج، فقد مات عاصياً والمستحب تعجيله بلا أشكال. وبه قال الثوري والأوزاعي ومحمد، وقال مالك وأحمد وأبو يوسف: هو على الفور فيجب على من قدر أداءه، فإن أخره أثم وعصى، وهو اختيار المزني، وقال الكرخي: مذهب أبي حنيفة أنه على الفور، وقيل: لا نص فيه عنه، وأصحابه يقولون: مذهب مثل مذهب أبي يوسف، وهو اختيار المزني إلا أن عند مالك إذا أخره عن السنة التي وجب فيها، ثم حج في غيرها صار قاضياً كمن أخر الصلاة عن وقتها، وعندهم متى حج في عمره يكون مؤدياً لا قاضياً. وأصل هذه المسألة أن الأمر المطلق هل هو على الفور أم التراخي؟ واحتج الشافعي بأن قال: "أنزلت فريضة الحج بعد الهجرة" يريد قوله تعالى: {آمِنًا ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ} آل عمران: 97، الآية، فإنها مدنية، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الحج يريد سنة ثمان