التأخير، ولا يعرف هو وقت الموت، فلا ذنب له ثم على هذا القول فيه وجهان:
أحدهما: أنه مفرط من أول وقت إمكانه 28/أ.
والثاني: أنه غير مفرط من آخر وقت إمكانه. وقال أبو ثور: لا نحكم بعصيانه أصلاً، ومن أصحابنا من قال: إذا غلب ظنه بالإمارات أنه إذا أخرها عن تلك السنة يصير عاجزاً بالكبر والضعف والفقر يصير عاصياً من تلك السنة عند الإمكان، وإن أدركه قضاء الله تعالى فجأة، أو مع رجاء الحياة وبقاء القوة واشتغاله بأمر المعاش لا يصير عاصياً، ولا يمتنع أن يتعلق الحكم بالظن الغالب كما أن الله تعالى كتب الوصية في الابتداء على حضر الموت يعني أمارته الدالة عليه لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إن تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ} البقرة: 180 وكان الحكم أنه يعصي بتركها عند وجودها، ولا يعصي من دون ذلك. كذلك ههنا، وهذا أصح عندي. وقال بعض أصحابنا بخراسان: لو كان يخشى الزمانة، أو تلف ماله، هل له تأثير الحج؟ فيه وجهان:
أحدهما: له ذلك كما لو لم يخش الزمانة، فإنها موهومة وأصل وجوبه على الفور، فلا يتعين بالوهم.
والثاني: ليس له ذلك، ويصير عاصياً به لأنه لا يمكنه أداء الحج عند الزمانة.
فرع
لو وجب عليه الحج، فلم يحج حتى صار معصوباً، وله مال هل يلزمه أن يستنيب على الفور؟ وجهان:
أحدهما: لا يلزمه ذلك بل هو على التراخي لأنه في القادر على التراخي.
والثاني: أنه على الفور، لأن الحج فات، وهذا بدل الحج، فهو كقضاء الصلاة على الفور إذا فاتته الصلاة بغير عذر، فعلى هذا لو امتنع يستأجر الحاكم من ماله من يحج عنه.
فرع آخر
قال أبو إسحاق: 28/ب إذا أخر قضاء الصلوات حتى مات قبل قضائها يصير عاصياً، لأن آخر وقت القضاء غير معلوم، كآخر وقت الحج غير معلوم، كآخر وقت الحج غير معلوم، وإنما يجوز له أن يؤخرها بشرط أن لا تفوته، ولو أخر الصلاة عن أول وقتها إلى آخره، فمات قبل أن يصلي لا يصير عاصياً، لأن آخر وقتها معلوم، فلا يراعي فيه شرط السلامة عند الإذن بتأخيرها إليه، وهو كالحد الذي هو مقدر الطرفين إذا أدى إلى التلف لا يوجب الضمان بخلاف التعزيز المؤدي إلى التلف فإنه يوجب الضمان.
باب وقت الحج والعمرةمسألة (1): قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} البقرة: 197.
قال: وأشهر الحج شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة. القصد من هذا الباب بيان معرفة وقت جواز أفعال الحج والعمرة من السنة، فلا خوف أن وقت أفعال الحج سوى