مسألة: قال (1): وله أن يصوم حين يدخل الحجّ.
الفَصْلُ
الكلام الآن في حكم الهدي والصوم الواجب على المتمتع, والكلام في الهدي في فصلين:
أحدهما: في وقته, ووجوبه.
والثاني: في وقت جوازه.
فأما وقت وجوبه إذا فرغ من العمرة, وأحرم بالحجّ يلزمه الدم لقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِن الهَدْيِ} البقرة: 196 , وإنما يسعى متمتعًا إذا أحرم بالحجّ, وأراد بما استيسر: دم شاه, أو سبع بدنة وبقرة, فإن أهدى بدنة أو بقرة كان أفضل. وحكي عن عطاء أنه قال: لا يلزمه الدم حتى يقف بعرفة وحكي عن مالك أنه قال: لا يلزمه الدم حتى يرمي جمرة العقبة, فاعتبر إكمالها.
وأمّا وقت جواز إخراجه فإن ذبح بعد الوجوب جاز, وهو بعدما أحرم بالحجّ, والمستحب تأخيره إلى يوم النحر. وهذا غلط لأنه دم يتعلق بالإحرام, وينوب عنه بصوم, فجاز قبل يوم النحر كدم الطمث, ولو ذبح قبل الفراغ من العمرة لا يجوز قولاً واحدًا لأنه لا ينطلق عليه اسم التمتع, وإن ذبح بعد التحلل من العمرة قبل الإحرام بالحجّ قد قيل فيه قولان, وهو الأظهر, وقيل: وجهان:
أحدهما: لا يجوز لأنه لم يحرم للحجّ, فأشبه ما إذا لم يفرغ من عمرته, أو الهدي يتعلق به عمل البدن, وهو يفرق لحمه, فلا يجوز تقديمه على وقت وجوبه كالصوم.
والثاني: يجوز, وهو الأصحّ لأنه حق هو مال يجب بأسباب, فجاز تقديمه على بعض أسبابه: كالكفارة والزكاة. وقال القفال: هل يجوز قبل فراغه من العمرة؟ وجهان:
أحدهما: لا يجوز لأن أحد السببين لم يتم بعد.
والثاني: يجوز, لأن السبب هو: الإحرام بالعمرة في أشهر الحجّ لا الفراغ منها, وهذا خلاف المنصوص, ثم إذا عدم الهدي يجوز الانتقال إلى الصوم وإن واجدًا في بلده, وما دام واجدًا له لا يجوز الصوم لقوله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} البقرة: 196 , وبفارق هذه الكفارة إذا كان واجدًا للرقبة في بلده لا يجوز له الانتقال إلى الصوم في مكانه؛ لأن البدل هناك غير مؤقت, وههنا البدل مؤقت, فاعتبر القدرة والعجز في موضعها كما في الوضوء مع اليتيم. وفي كفارة الظهار وجهان:
أحدهما: يعتبر القدرة على الرقبة في مكان دون 49/ أ بلده, لأن عليه إضرارًا في تأخيرها لأن إباحة الوطء يتعلق بها.
والثاني: يعتبر عدمها على الإطلاق لما ذكرنا من عدم الوقت.