من الطيب ما لو كان لرجل لاتخذ منه رأس مال. وأما خبرهم قلنا: هذا كان لأن التضمخ بالزعفران حرام على الرجل في حال إحرامه وحله، وروى أنس: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزعفر الرجل (1). وفي هذا الخبر دليل على أنه إذا أحرم في ثوب مخيط لا يجب عليه تمزيقه، وأنه إذا نزعه من رأسه لا فدية عليه، لأنه روي أن هذا الأعرابي خلع الجبةً من رأسه، وقال النخعي: يشقه، وقال الشعبي: يمزق عليه، وقال صاحب "الحاوي" (2): عندنا لا يكره ذلك وهل يستحب؟ وجهان:
أحدهما: يستحب اقتداء بفعله
والثاني: وهو الأشبه بالمذهب لا يستحب بل يباح، لأنه فعله ولم يأمر به.
فرع
لو لبس إزاره أو رداءه وأحرم فيه ثم نزعه ثم لبسه، قال أبو الحسن 64/ أ الماسرجسي الإمام رحمه الله يلزمه الفدية قولا واحدًا لأنه ابتدأ لبس ثوبه مطيب في حال الإحرام.
وقال بعض أصحابنا بخراسان فيه وجهان:
أحدهما: هذا.
والثاني: لا فدية عليه، ويجوز له لبسه ثانيًا، لأن ذلك صار مستهلكًا كما لو كان استعمله في بدنه.
وحكي عن الشافعي أنه قال في موضح: ويتجمر رحله وثوبه بالبخور فقد قيل: في المسألة قولان، وذكر بعض أصحابنا وجهاً أنه لا يجوز أن يحرم في ذلك الثوب لأن الطيب يبقى على الثوب ولا يصير مستهلكا، فهو كما لو شد مسكا على ثوب لا يجوز لبسه، وإذا طيب بدنه يصير مستهلكا، وهذا ليس بشيء، وقيل: إذا قلنا: له لبسه فلبسه ثم نزعه ثم لبه ثانياً فيه وجهان:
أحدهما: ما ذكرنا أنه يجوز ذلك ولا فدية عليه لأن العادة في الثوب لبسه كل وقت بعد نزعه
والثاني: لزمته الفديةً لأنه يشبه ابتداء الطيب.
فرع أخر
لو طيب بالغالية موضعًا من بدنه، ثم أحرم ثم أخذ الغالية من موضعها واستعملها في موضع آخر من بدنه لزمته الفدية قولًا واحداً، ولو تطيب قبل الإحرام بالغاليةً، ثم أحرم فعرق بدنه، فسال الطيب من موضعه إلى موضع آخر، فالمذهب أنه لا فديةَ عليه لأنه لما تهرب به صار في حكم المستهلك، وهذا ليس يتطيب من جهته، ومن أصحابنا من خرج فيه وجهاً آخر أنه تلزمه الفدية لأنه كالتطيب الجديد بالانتقال من موضعه،