"الأم " وإن اختضبت المحرمةَ ولفت على يدها خرقةً رأيت عليها أن تفتدي، وقال في "الإملاء": لا يتبين لي أن عليها الفديةَ، ونقل أبو حامد إلى "الجامع" ذلك، فلما خرج الشافعي القولين في وجوب الفديةً إذا لفت عليهما خرقةً مع تحريم لبس القفازين عليها علمت أن ذلك لاختلاف قوله في جهةَ تحريم لبس القفازين فحيث جعل الكفين بمنزلةُ الوجه اوجب الفديةَ، وحيث جعل تحريم لبس القفازين لأجل كونهما مخيطين على قدر الكفين لم يوجب عليهما الفديةً، ألا ترى أن مذهب الشافعي أن المحرم 74/ ب إذا أخضب لحيته ولفها بخرقة أنه لا فدية عليه؟
وقد قال الشافعي: ويداوي المحرم جرحه بما لا طيب فيه ويلصق الدواء على جمح بدنه بالخرقةً، وغيرها ما خلا رأسه وإن كان المسح في الرأس فألصق عليه خرقةً صغيرةً أو كبيرةً افتدى وهكذا لو كان جرح في وجه امرأةً فألصقت عليه خرقةً افتدت، وإن كان في رأسها فألصقت خرقة عليه، فلا شيء عليها، فدل ذلك على ما استنبطته من القولين في جهةُ تحريم القفازين، والثالث: من الفصول أنها تطوف ليلًا ولا رمل عليها في الطواف ولا المشي الشديد بين الصفا والمروةَ؛ وهذا لأن ذلك أستر لها. وقال في "المختصر": ولكنها تطوف على هيئتها وفي نسخةً على هنتها أي: على سكينتها، ولأن الزحام يقل في الليل ويمكنها أن تقرب من البيت، فإن القرب من البيت أفضل للطائف ثوابًا، فلهذا انسب لها ذلك ليلًا.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا في طواف القدوم، فأما طواف الإفاضةَ لا يكون إلا يوم النحر فلا تؤخره. وقيل: أراد طواف الإفاضة تصير إلى الليل، فأما طواف القدوم فإنه تحية، فلا تؤخره لأنه يبطل التحيةَ بالتأخير.
مسألة: قال (1): وأحب إلي أن يخضب للإحرام قبل أن يحرم.
ويستحب للمرأةً أن تختضب بالحناء قبل الإحرام خلافًا لأبي حنيفةَ لما روي عن عبد الله بن عبيدة وعبد الله بن دينار أنهما قالا: من السّنة أن تمسح المرأة بيديها شيئًا من حناء ولا تحرم وهي غير مخضبةً (2)، ومثله عن ابن عمر رضي الله عنهما وأما إذا أحرمت لا يستحب لها ذلك بل يكره، لأنه يزيل الشعث، فإن اخضبت فلا فدية عليها لأنه ليس بطيب.
وحكي عن آبى حنيفة أنه قال: تلزمها الفدية، ولا فرق بين أن تكون شابة أو شيخه 74/ أ لأن الخروج إلى الحج واجب بخلاف الجمعةً ولا فرق بين أن تكون ذات زوج أو لم تكن، وقد قال عكرمة: كانت عائشةَ وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تخضبن وهن محرمات (3) وذلك بعلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، واحتج بقوله لأم سلمه: "لا تمس الحناء وأنت محرمةٍ فإنه طيب (4) " قلنا: راويه ابن لهيعة، وهو ضعيف. وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل هو