إذا رأى رجلاً ما عرفه به لأنه يقول ذلك, وإن رأى صفحة وجهه, فلا يصح ما ذكروا, وأما إذا حلق أقلّ من ثلاث شعرات يلزمه الضمان, وإن لم يلزمه الدم 89/ب. وقال مجاهد: لا شيء عليه, وحكاه ابن المنذر عن عطاء, وحكي عن عطاء مثل مذهبنا لأن كل جملة كانت مضمونة فأبعاضها مضمونة فأبعاضها مضمونة كالعبد, فإذا تقرر أنه مضمون اختلف قول الشافعي في تضمينه, فقال: ههنا في شعرة مد وفي شعرتين مدان, وفي ثلاث شعرات دم, وحكي الحميدى عن الشافعي أنه قال: إذا ترك حصاة يلزمه ثلث دم, وفي حصاتين ثلثا دم, وفي ثلاث حصيات دم.
وقال الشافعي في موضع أخر: إذا ترك ليلة من ليالي منى يلزمه درهم, وان ترك ليلتين فدرهمان وان ترك ثلاث ليال فدم, ولا فرق بين الحلق وترك الحصاة وترك ليالي منى, فإذا حلق شعرة واحدة أو قلم ظفراً واحداً, أو ترك ليلة أو ترك حصاة فيه ثلاثة أقوال: أحدها: يلزمه مد من طعام, وهو المذهب المشهور لأن في إيجاب ثلث الدم مشقة, والأصل ذلك فعدلنا إلى ما هو أقرب إليه, وهو الطعام والمد أقل ما يجب فدية, والثاني: يلزمه ثلث دم, وهو الأقيس, لأن كل جملة ضمنت بجنس فأبعاضها تضمن بذلك الجنس كسائر المتلفات, والثالث: وهو قول عطاء: يلزمه درهم لأنه إذا عدل عن الأصل, فالأصل في التقويم الدراهم.
فرع آخر
لو قطع نصف شعرة فيه وجهان:
أحدهما: عليه نصف مدّ بالقسط, وهذا أصحّ, وهو المذهب, وعليه عامة أصحابنا.
والثاني: يلزمه مد كامل, لأن الإخلال يقع بتقصير بعض الشعر, وإن لم يستأصله, ذكره في "الحاوي" (1).
فرع آخر
إذا قلنا: لو حلق شعره يلزمه ثلث شاة في أحد الأقوال مقتضى المذهب أنه يتخير بين ثلث شاة وبين التصدق بصاع وبين يوم كامل, كما لو حلق ثلاث شعرات تخير بين شاة وثلاثة آصع وبين صيام ثلاثة أيام إلا أن من جهة المذهب في هذا القول إشكال لأنه نص فيمن جرح ظبيه فانتقص عشر قيمتها عليه ثمن عشر شاة, وما أوجب عليه مثله, فالقياس 90/أ أن يلزمه صاع أو صوم يوم.
فرع آخر
لو حلق ثلاث شعرات في ثلاثة أوقات في مجلس نص الشافعي أن لكل شعرة حكم نفسها لا يتدخل ولا ينقلب داماً, وقال صاحب "الإفصاح": يمكن أن يقال يبنى على قولين في اللباس إذا فرق فإن قلنا بقوله القديم: إنه بتداخل, ويكون المفرق من اللباس بمنزلة المجتمع ينقلب ههنا دماً. وإن قلنا: هناك ينفرد كل بحكمة, فكذلك ههنا تنفرد