"الأم" (1): لا يجزئه، لأن الطواف بجميع البدن، فإذا حاذاه ببعض بدنه، فلم يبدأ بالطواف من عند الحجر بجميع بدنه، فعلى هذا إذا طاف سبعًا لم يحتسب بالسبع الأول، واحتسب بما بعده لأنه إذا دار فقد حاذي الحجر بجميع بدنه من غير شكّ، وهذا أصحّ لأن ما لزمه استقباله لزمه بجميع بدنه كالقبلة.
فرع آخر
يستحبّ له أن يكبّر عند محاذاة الحجر كل مرة، لما روي ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم 104/أ طاف على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده، وكبّر (2)، وقال في "الأم" (3): أحب أن يقول كلّما حاذى الركن: الله أكبر، ولا إله إلا الله.
فرع آخر
قال أصحابنا: يستحبّ أن يقبّله ويسجد عليه، ثم يقبّله ويسجد عليه ثلاثًا ويمسح وجهه بيديه، وقد قال الشافعي في "الأم" (4): جاء ابن عباس يوم التروية مسبدًا رأسه، فقبّل الركن، ثم سجد عليه ثلاث مرات (5)، وأنا أحب إذا أمكنني ما صنع ابن عباس من السجود على الركن لأنه يقبّله، وزيادة سجود لله تعالى، قال أبو عبيد: التسبيد ترك التدهين والغسل.
مسألة: قالَ (6): ويستلم اليماني بيده ويقبّلها ولا يقبّله.
أراد باليماني الركن الأسفل عن يمين البيت، فإن الحجر في الركن الأعلى عن يمين البيت نحو اليمين فيستحب استلامه بيده، ويقبل يده ولا يقبله بخلاف الركن الأسود، لأنه أشرف لأن ابتداء الطواف منه والحجر الأسود فيه، وقال أبو حنيفة: لا يستلمه أصلًا، وقال مالك: يستلمه ويضع يده على فيه، ولا يقبل يده، وهذا غلط لما روي عن أبي الطفيل، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الركن اليماني بمحجنه ثم يقبّله (7).
قال أصحابنا: لما استلمه بمحجنه قبّل المحجن، فمن استلمه بيده قبّل يده. وروي ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل طوفة، ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر (8)، وقال ابن عمر: ما أراه لم يستلم الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يبنَ على قواعد إبراهيم عليه السلام (9)، وروي عن جابر وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهم كانوا يستلمون الركن اليماني ويقبلون أيديهم، وقال بعض أصحابنا بخراسان: 104/ب فيه وجهان:
أحدهما: يقبّل يده أولًا ثم يضعها على الركن، فكأنه ينقل القُبلة إليه.