تعالى قال: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ} الحج: 29.
فرع آخر
يكره أن يضع يده على فيه في حال الطواف، وهذا لأنه يكره ذلك في الصلاة. وقد روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلّمن إلاّ بخير" (1).
فرع آخر
قال الشافعي: كره قوم أن يعد 109/أ في الطواف، وعندي لا يكره ذلك. وروي الأوزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد الرحمن، وهو معه في الطواف: "لم تعد"، ثم قال: "تدري لما سألتك إنما سألتك لتحفظه".
مسألة: قالّ (2): وإن ترك الاضطباع والرمل والاستلام فقد أساء، ولا شيء عليه".
هذه الأشياء إذا تركها عامدًا، أو ساهيًا بعذر أو بغير عذر لا قضاء عليه ولا جبر، وهكذا لو ترك التقبيل والدعاء لأنها هيئات كهيئات الصلاة سواء، ولكنه أساء بذلك إذا تعمد تركه من غير عذر والحجّ ينقسم ثلاثة أقسام أركان وأبعاض وهيئات، فالأركان أربعة: الإحرام، والوقوف، والطواف، والسعي. وإذا قلنا: الحلاق من النسك في أحد القولين، فهو ركن أيضًا، لأنه لا يقوم غيره بمقامه، فإذا ترك أحدًا واحدًا منها لم يجزِ حجّه والأبعاض: الرمي والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى. ليالي منى، فيجب الدم بتركها، وما سوى ذلك هيئات لا شيء في تركها، وحكي عن الحسن والثوري، وعبد الملك الماجشون أن عليه الدم في ترك الرمل والاضبطاع لأنه نسك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من ترك نسكًا فعليه دم"، وهذا غلط لما روي عن ابن عباس، قال: ليس على من ترك الرمل شيء، ولا يقول مثل هذا إلا توفيقًا، ثم قال (3): وكلما حاذى الحجر الأسود كبّر، وقد ذكرنا هذا ويقول مع التكبير ما ذكرنا من الدّعاء.
مسألة: قالّ (4): وقال في رمله: اللهم اجعله حجًا مبرورًا أي: متقبلًا وذنبًا مغفورًا، وسعيًا مشكورًا، أي: مثابًا عليه، ويقول في سعيه في الأربعة الأشواط: ربّ اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعزّ الأكرم ربنا آتنا في 109/ب الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك، وذكر الشافعي في موضع بدل قوله، وتجاوز عما تعلم واعف عما تعلم ومعناهما واحد، وقال بعض أصحابنا بخراسان: معنى قوله ويقول في سعيه، أي: بعد الطواف في سعيه بين الصفا والمروة. وقيل: أراد