يكون الكلام في شيء من صلاح أمره، فكيف قرب بيت الله تعالى مع عظيم رجاء الثواب فيه من الله تعالى. قال ابن عمر: أقلوا الكلام في الطواف، فإنما أنتم في الصلاة (1)، قال أصحابنا: والأفضل أن لا يتكلم أصلًا لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من طاف سبعًا لم يتكلم فيه، إلا سبحان والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كتب له عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات" (2).
فرع آخر
قال: إنشاد الشعر والرجز في الطواف يجوز إذا كان مباحًا، وروي محمد بن السائب عن أمه، قالت: طفت مع عائشة رضي الله عنها، فذكروا حسان في الطواف فسبوه، فقالت عائشة: لا تقولوا: أليس هو الذي يقول:
هجَوت محمدًا فأجبت عنه وعند الله في ذلك الجزاء
فإن أبى ووالده وعرضي لعرض محمدٍ منكم وقاء
فقيل لها: أليس هو الذي قال ما قال في الإفك؟ فقالت: أليس قد تاب؟ ثم قالت 110/ب عائشة: إني لأرجو له ما قال، ولكنه يستحبّ ترك إنشاد الشعر وإن كان مباحًا أيضًا والكلام أيسر منه. وقال مجاهد: كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت وهو متكيئ على أبي أحمد بن جحش وأبو أحمد يقول:
حبّذا مكّة من وادي
بها أهلي وعوادي بها
أمشي بلا هاد
قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يعجب من قوله:
بها أمشي بلا هادي
والأولى تركه لما روي إبراهيم بن أبي أوفي أن أبا بكر رضي الله عنه كان يطوف بالبيت ويرتجز بهذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل الله أكبر، الله أكبر".
فرع آخر
قال: الأكل والشرب فيه مكروه والشرب أخف حالًا، قال ابن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب ماء في الطواف (3)، وكان ابن عباس يشرب الماء فيه. وقال في "الإملاء": لا بأس بشرب الماء فيه والأحسن في الأدب أن يتركه.
فرع آخر
يكره أن يبصق في الطواف أو يتنخم أو يغتاب ولا تفتد به.