والخروج منها إلى منى ليوافق الظهر بها, ولا نأمرهم بالتقاعد للجمعة, وهكذا ذكره الإمام أبو محمد الجوينى في "المنهاج".
وقال بعض أصحابنا بالعراق: آمرهم أن يخرجوا قبل طلوع الفجر لأن الفجر إذا طلع لم يجز الخروج إلى السفر وترك الجمعة في أحد القولين.
فرْعٌ آخرُ
قال الشافعي: ولا يصلّون الجمعة بمنى لا بعرفات إلا أن يحدث قرية مجتمعة البناء يستوطنها أربعون رجلًا. وقال مالك: وافق يوم عرفة في حجّ رسول الله صَلَى الله عليه وسلم يوم الجمعة فلم يصلّ صلاة الجمعة في عرفة, فإن قيل: وما يدريك أنه صَلَى الله عليه وسلم لم يصلّ 129/أ الجمعة أليس خطب خطبتين, ثم ركع ركعتين؟ قلنا: لو كانت صلاة جمعة لجهر فيها بالقراءة فإنه سنة الجمعة.
مَسْألَةٌ: قال (1): ثم يركب, فيروح إلى الموقف عند الصخرات.
الفَصْلُ
إذا فرغ من صلاة العصر توجه إلى المسجد, وهو مسجد إبراهيم عليه السلام إلى عرفة ويقصد الموقف الذي وقف به النبيّ صَلَى الله عليه وسلم وذلك عند الصخرات اتباعًا للنبيّ صَلَى الله عليه وسلم, وهو موضع معروف هناك, والأفضل أن يقف على جبال الرحمة أو بالقرب منها, وإنما ينتقل من موضع الصلاة والمسجد, لما ذكرنا أنه ليس من عرفة, واعلم أن الوقوف ركن من أركان الحجّ لا يدرك الحجّ إلا به, فمن فاته الوقوف في وقته في موضعه فقد فاته الحجّ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيّ صَلَى الله عليه وسلم, قال: "الحجّ عرفة, فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحجّ ومن فاتته عرفة فقد فاته الحجّ" (2)
وروي في خبر جابر أن النبيّ صَلَى الله عليه وسلم لما صلّى الظهر والعصر ركب ناقته القصواء, وسار إلى عرفة, وسميت ناقته قصوى لما قطع من أذنها, يقال: قصوت الناقة إذا قطعت أذنها, فإذا تقرر هذا, فالكلام في فصلين في مكانه وزمانه. فأما مكانه فقد ذكرنا: ولو وقف في عرفة ساهيًا أو جاهلًا لم يجزه.
وقال مالك يجزئه وعليه دم, وحكي انه قال: بطن عرنة كله عرفة, وإذا وقف فيها جاز, وأصحابه ينكرون هذا, وهذا غلط لما روى نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه, أن النبيّ صَلَى الله عليه وسلم قال يوم عرفة "كل عرفة موقف وارتفعوا عن عرنة وكل المزدلفة موقف وارتفعوا عن بطن مسحر, وكل أيام التشريق ذبح, وكل فجاج مكّة منحر" (3) , وأراد بفجاج مكّة الحرم كله. وروى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيّ صَلَى الله عليه وسلم قال: "من