يرمِ جمرة العقبة، ثم تبين أن قطع التلبية يتعلق بإول أسباب التحلّل، فقال: ولا يقطع التلبية حتى يرمي الجمرة بأول خصّاة.
وقد ذكرنا ذلك، وروي عن عمر وابن عباس وعطاء وطاوس ومجاهد أنهم 145/ ب لم يزالوا يلبّون حتى رمي الجمرة، أي: حتى ابتدؤوا رمي الجمرة ثم بينّ أن له التطيب بعد التحلّل الأول، فقال: ويتطيب إن شاء لحله، أي بعد حلّه الأول. وهذا هو المشهور من المذهب، وقد ذكرنا هذا فيما مضي.
مَسألَةٌ: قالَ (1): ويخطب الإمام بعد الظهر يوم النحر.
هذه هي الخطبة الثالثة في الحجّ، فيخطب بمني بعد الزوال إذا صلي الظهر، خطبة واحدة يعلمهم النحر والرمي والطواف والمبيت بمني، والرخصة لأهل السقاية، والتعجيل لمن أراد في يومين بعد النحر.
قال الله تعالي: (واذكروا الله في إيام معدودات) البقرة: 203،يريد أيام التشريق بعد يوم النحر، وهي ثلاثة أيام، ثم قال: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) البقرة: 203،أي: نفر من مني في اليوم الثاني من إيام التشريق فلا إثم عليه، فالمستحبّ للإمام أن يعلمهم كل ذلك لأن الناس يحتاجون إلي معرفة ذلك، فلابّد من الخطبة.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا تستحبّ الخطبة يوم النحر. وهذا غلط لما روي الهرماس بن زياد الباهلي. قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يخطب علي ناقته العضباء بمني يوم الأضحي (2) وراه أبو أمامه (3) وعبد الله بن عمرو (4) رضي الله عنهما أيضًا، ثم بيّن أن فيما كان من أسباب التحلّل يوم النحر لا يجب الترتيب، فقال: ومن حلق يوم النحر قبل أن يذبح أو نحر قبل أن يرمي، فلا فدية، وقد ذكرنا ذلك.
مَسألَةٌ: قالَ (5): ويطوف بالبيت طواف الفرض.
الفَصلُ
القصد بهبيان ما يقع به التحلّل الثاني، فإذا فرغ من رمي جمرة العقبة ينصرف إلي مكّة، فيطوف طواف الزيارة. وهذا الطواف يسمي طواف الفرض، لأنه لا فرض غيره فيه، ويسمّي طواف الصدر، 146/ أ لأنهم يصدرون عن مني ويسمّي طواف الإفاضة، لأنهم يفيضون من مني إلي مكّة، ولا يسمّي طواف الزيارة، لأنهم يأتون من مني فيزورون البيت، ثم يرجعون إلي مني، وقيل: لإنه يزور البيت بعد غيبته عنه، وقيل: تسميته طواف الصدر غير مشهورة، وإنما طواف الصدر طواف الوداع، لأنه يصدر عنه بعد الطواف، ويسمّي طواف الوداع، لأنه يودعه، فإذا تقرر هذا، فاعلم أن هذا