والثاني: يأتي به, لأن الرمي تابع للوقوف الليلة المستقبلية, وهي ليلة العيد يجعل في حكم النهار الماضي حتى يجوز فيها الوقوف, وبعد طلوع الفجر لا يجوز.
فَرْعٌ آخر
قال بعض أصحابنا بخراسان: لو عجّل رمي يوم النفر إلى يوم القرّ, هل يجوز أم لا؟ فإن قلنا: من فاته رمي يوم لا يجوز تعجيله, وإن قلنا: يقضي, هل له التعجيل؟ وجهان بناء على أنه إذا رمى الفائت من الغد, هل يكون قضاء أم أداء؟ فإن قلنا: أداء يجوز, وكان رمي الأيام كلها عبادة فيكون كالرمي في أول الوقت, وإن قلنا: قضاء, فلا يجوز, لأن الرمي بعد لم يجب حتى يجوز قضائه, وعلى هذا رمي كل يوم عبادة منفردة. والصحيح أنه لا يجوز تعجيله قولًا واحدًا.
مسألة: قال (1): ولا بأس إذا رمى الرعاء الجمرة يوم النحر إن يصدروا ويدعو المبيت بمنى.
الفَصلُ
قد ذكرنا أن المبيت بمنى ليالي أيام التشريق من جملة النسك للخبر, ولكن يجوز للرعاء وأهل السقاية التي هي سقاية العباس دون غيرهما من السقايات إذا رموا يوم النحر أن يصدروا من شاء إلى مكة, ويدعوا المبيت بمنى, ويتركوا الرمي في أول يوم من أيام التشريق, وهو النفر الأول, فرموا عن اليوم الأول والثاني على الترتيب ثم ينفرون مع الناس إن شاؤو في النفر الأول. وبه قال مالك, وقال بعض العلماء إن شاؤو قدّموا الرمي, وإن شاؤو أخروه. وهذا غلط, لأنه لا يقضي حتى يجب, وهذا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم 150/ ب أرخص لرعاة الإبل, وأهل سقاية العباس ذلك)). وروى أنه أرخص للرعاة أن يرموا يومًا, ويدعوا يومًا (2). وقال عاصم بن عدي رخّص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر, ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر, فيرمونه في أحدهما (3).
وقال مالك: ظننت أنه قال في الأولى منهما, ثم يرمون يوم النفر, وقال ابن عمر رضي الله عنهما استأذن العباس رضي الله عنه: رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك المبيت بمنى في لياليها لأجل سقايته, فأذن له (4).