لحمه على مساكين الحرم، ولا يختص بمنى، بل كل احرم فيه سواء فإن ذبحه في الحرم وفرقه في الحرم، فقد أدى الأكمل، وإن ذبحه في الحل، وفرق اللحم في الحرم، فإن كان اللحم قد تغير لم يجزئه، لأنه ناقص، وإن لم يتغير نص الشافعي لا يجوز لأن الذبح مستحق في الحرم، ومن أصحابنا من قال: فيه قول آخر يجوز لأن المقصود هو اللحم هذا، ولا يعرف لأن الذبح أحد مقصودي الهدي فاختص بالحرم كتفرقةُ اللحم، وإن ذبحه في الحرم، ثم سرق منه يجب عليه أن يذبح آخر، ولا الواجب حتى يذبح في الحرم ويفرقه على مساكين الحرم.
وقال أبو حنيفة: يجب الذبح في الحرم، وأما تفرقة اللحم تجوز في الحل، وكذلك تفرقة الطعام تجوز على 171/أ مساكين الحل، وهذا غلط لأن تفرقة اللحم أعظم المقاصد، فاختصاصه بالحرم أولى. وحكي عن الشافعي أنه قال في "القديم": إذا اضطر إلى قتل الصيد أو الطيب أو اللباس في الحل، ففعل، كان الهدي في الحل، وبه قال أحمد، لأن سببه كان في الحل، فأشبه دم الإحصار، وهذا غلط، لأنه تعلق بالإحرام، فأشبه إذا أوجب في الحرم، ويفارق دم الإحصار، فإنه يتعذر عليه الإيصال إلى الحرم، ويتحلل به من الإحرام بخلاف هذا.
وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: إذا ذبح في الحرم، ثم سرق منه يجزئه ولا إعادةً عليه، وهذا غلط، لأنه أتلف الهدي قبل وصوله إلى مستحقه فلا يجزئه عما في ذمته كما لو أكله، وأما الصوم، فيجوز في الحرم والحل. وقال عطاء: لا يجوز إلا في الحرم. ويحكى عن أحمد، وهذا غلط لما ذكر الشافعي أنه لا منفعةَ لأهل الحرم في الصوم بخلاف هذا.
فرع
يستحب أن يخص بتفريق اللحم من كان قاطنا في الحرم دون من كان طارئاً، لأن القاطن أوكد حرمه.
فرع أخر
إذا ارتكب في الحل ما يوجب دماً أو دفع من عرفة ثل الغروب هل يخض الهدي بالحرم؟ المذهب أنه يختص. وقال في "القديم": قولًا آخر انه لا يختص حتى لو ذبح في الحل وفرق اللحم في الحال جاز، لأن ذبحها لا يخض بزمان النسك حتى يجوز قبل يوم عرفة، فلا يختص بمكان النسك بخلاف دم التمتع، والصحيح الأول، لأن سبب وجوبه النسك، فاختصت النسيكةُ بأهل الحرم.
مسألة: قال: (1) ومن وطاء أهله بعد رمي الجمار فعليه بدنةً.
قد ذكرنا هذه المسألة، واختيار المزني أنه يلزمه شاةً، قال: قرأت عليه 171/ب هذه المسألة، لأنه يلزمه بدنةً، ولكن إن لم تكن البدنة إجماعاً أو أصلًا، فالقياس شاةً، وأراد بالإجماع إجماع الصحابةَ، وبالأصل الكتاب والسنةً وبالقياس أنه استمتاع لا