الخلاف الذي ذكرناه، وإن قلنا: لا دم عليه يلزمه رد قسطه قولاً واحداً.
وقال ابن سريج محل القولين فيما ذكرنا إذا كان النقص الداخل في الإحرام أكثر من قيمة الشاة التي ذبحها، فأما إذا كان عليه أقل، فعليه رد الزيادة قولا واحداً. وقال غيره: سواء كان مثل قيمة الشاة، أو أقل (184 / ب) أو أكثر، فيه قولان: لأنا لا نتحقق أن دم الشاة قد جبر النقص وتحققنا وجود النقص، لأن دم الشاة حق الله تعالى. وهذا يرد حق الآدمي.
فرع آخر
قال في "الأم": لو استأجره ليحج عنه من الميقات، فلما بلغ الميقات أحرم بالعمرة عن نفسه واعتمر ثم أحرم بالحج عن المستأجر من جوف مكة، فإنه يجزى، عن المستأجر، وعلى الأجير دم ويرد بقدره من الأجرة على المذهب الصحيح، وكيفيته على الخلاف الذي ذكرنا، ففي أحد القولين، يقال: حجة من الميقات كم تسوي وحجة من مكة كم تسوي فيرد ما بين ذلك.
وقال في "الإملاء": يرد ما بين بلده إلى مكة لأنه يصير بسيره من بلده إلى مكة لنفسه دون المستأجر إذا بدأ بالعمرة لنفسه، فوجب أن يرد من الأجرة بقدر ما بين حجه من بلده وبين حجه من مكة، والمذهب الأول، لأن الإجارة عقدت على الحج وأفعاله، وهو الإحرام من الميقات، وما قبل ذلك من قطع المسافة إلى الميقات تسبب إلى الحج والأجرة إنما تسقط على العمل الذي وقع العقد عليه دون المسبب إليه ألا ترى أنه لو استأجر أجيراً ليخبز له خبزاً، فالأجرة تكون في مقابلة الخبز دون التسبب إليه من إحضار الماء وإصلاح النار، وغيرهما، فكذلك ههنا. وقال أبو حامد: المذهب أنه يقال: حجة من بلده أحرم بها من الميقات كم تسوي؟ فيقال: مائة وحجة من بلده أحرم بها من مكة كم تسوي، فقال: تسعين فيسقط عشر للأجرة المسماة. وقول هذا القائل.
الثاني، أن سيره لنفسه لا يعلم فربما يعبر عرفة في الميقات. وقال أبو حنيفة: يلزمه أن يرد جميع النفقة لأنه أدى بالسفر غير المأمور به وفعل الحج من غير مشقة، وهذا غلط، 185 / أ لأنه أتى عنه بحج صحيح، وإنما أخل بما يجزئه الدم، فلا تسقط نفقته.
فرع آخر
لو رجع إلى الميقات في هذه المسألة التي ذكرناها، وأحرم بالحج عن المستأجر، فعلى قوله في "الأم": لا يلزمه رد شيء من الأجرة، وعلى قوله في "الإملاء" يرد من الأجرة بقدر ما بين بلده إلى الميقات. وقيل: قول واحد لا يلزمه رد شيء. وبه يظهر أن سفره لم يكن لنفسه.